من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب صفة الصلاة

صفحة 117 - الجزء 1

[حكم امرأة تصلي الفجر أربع ركعات جهلاً]

  سؤال: امرأة كانت تصلي الفجر أربع ركعات، واستمرت على ذلك زمناً طويلاً معتقدة أنها كذلك، ثم تبين لها الخطأ، فكيف تصنع؟ هل تقضي الماضي وهو صلاة عشرات السنين؟ أم ماذا يلزمها؟ أفيدونا والسلام.

  الجواب والله الموفق: أن الذي يظهر لي أنه لا يلزم هذه المرأة قضاء الصلوات المذكورة في السؤال، وذلك لأمور:

  ١ - لما جاء في الحديث عن النبي ÷ من أن الله تعالى لا يعذب بالزيادة، وقد صلى النبي ÷ إحدى الرباعيات خمساً سهواً، ثم سجد للسهو، وهذه المرأة زادت في الصلاة على جهة الخطأ، والخطأ هو أخو النسيان، وحكمهما واحد.

  ٢ - جاء في الحديث أن النبي ÷ رأى عماراً يتمعك في التراب كما يتمعك الحمار، فقال النبي ÷ لعمار: «يكفيك ...» إلخ، ولم يأمره النبي ÷ بقضاء ما صلى من الصلوات بذلك التمعك، ولو كان يلزمه القضاء لأمره النبي ÷ بالقضاء لما مضى من الصلوات التي صلاها بذلك التمعك إن كان.

  ٣ - لم يأمر ÷ من صلى إلى غير القبلة بعد تحريه لجهتها - أن يقضي الصلاة.

  ٤ - القواعد الأصولية تقضي بما قلنا، وذلك أنها تقول: (إن تكليف الغافل قبيح)، (والتكليف بما لا يعلم قبيح)، وهذه المرأة غافلة عن أن صلاة الفجر ركعتان وغير عالمة بذلك، ومعتقدة أنها مصيبة وأن صلاة الفجر أربع ركعات، ولو كان عندها شك في خطئها لبادرت بالسؤال.

  فبناءً على ذلك فليست مُؤاخَذَةً على الخطأ فيما مضى، ولم تجب عليها صفة الصلاة؛ لغفلتها عن ذلك وجهلها به، وقد قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة ٢٨٦]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن ١٦]، {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[الأحزاب ٥].

  فإن قيل: الجهل ليس بعذر.