كتاب الإمامة
  وأشاعوها ضد شخصية علي # حتى صار # عند العامة من المسلمين علماً للباطل، وهذا في عصر الخلفاء الأولين.
  أما الأنصار وإن كانت مودتهم لعلي # أكثر من مودتهم لغيره فقد طمعوا في الخلافة بعد موت النبي ÷، ونسي عامتهم وصايا النبي ÷ وتركوها إيثاراً منهم للهوى وطمعاً في متاع الدنيا.
  ولم يحضر اجتماع السقيفة أحد من علمائهم وأهل البصائر منهم، وإنما حضر العامة منهم وأعرابهم؛ فلم يحضر أبو أيوب الأنصاري ولا خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وقد قام اثنا عشر من علمائهم حين تولى أبو بكر الخلافة وأعلنوا ما عندهم من العلم وذلك مشهور.
  - والمعلوم أن العامة من الناس أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، فليس اجتماعهم في السقيفة بمستنكر؛ لأنها طبيعة العوام وجهلة الأنام.
  واعلم أن اجتماع عوام الأنصار في السقيفة لطلب الخلافة لم يكن عن رأي ذوي العلم منهم وذوي بصائرهم بدليل استنكار علمائهم الاثني عشر الذين قاموا في مسجد رسول الله ÷ وبينوا للناس ما عندهم من العلم في علي # واستحقاقه للخلافة دون أبي بكر.
  - وما قاله الأنصار لعلي وفاطمة بعد بيعة أبي بكر صحيح؛ لأنه لو كان علي # مكان أبي بكر وعمر يوم السقيفة لبايعوا له، أو لو خيروا بين الرجلين لاختاروا المبايعة لعلي، ولا يستنكر من العوام أي اختيار؛ فهم على استعداد أن يبايعوا سعد بن معاذ وقد كانوا قاصدين لذلك، وأن يبايعوا لغيره من غير مبالاة كما هو شأن العوام على الإطلاق.
  - هذا هو حقيقة الوضع يومئذ؛ فقد تغلب على الأمر يومئذ قريش وهم أعداء علي # وتبعهم عوام الأنصار، ولم يبق أمام علي إلا بنو هاشم وذوو العلم والبصائر من الأنصار وهم قليلون يعدون على الأصابع.