كتاب الإمامة
  ٣ - أن لا يكون الأمر والنهي سبباً لزيادة المنكر، أو حصول أمر آخر أنكر منه، ودليل ذلك: العقول وما فطرها الله تعالى عليه من استنكار ذلك، وقد قال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام: ١٠٨].
[وجوب غلبة الظن بالنصر لمن أراد الانتصار للدين]
  في الجامع الكافي: قال الحسن #: ويحق على من أراد الله والانتصار للدين أن لا يظهر نفسه ولا يعور بسفك دمه ودماء المسلمين وإباحة الحريم إلا ومعه فئة من المتدينين يوثق بطاعتهم ووفائهم. اهـ
  قلت: ويؤيد هذا ويدل عليه ما ثبت من أن الله تعالى أمر نبيه ÷ والمسلمين بكف القتال في أول الإسلام، فلما هاجروا إلى المدينة وصار لهم كيان ودولة وعدد وعدة، أذن الله تعالى لهم في قتال المشركين، وبناءً على هذا فلا يجوز أن يعرض المسلم نفسه وإخوانه المسلمين لسفك دمائهم وإباحة حريمهم إلا إذا صار لهم قوة وعدد وعدة يحصل معها الظن بالنصر والحفاظ على دماء المسلمين وحماية حريمهم والذب عن حوزتهم، وقد قال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ...}[البقرة ١٩٥]، وقال سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ٢٩}[النساء]، وقال سبحانه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ... الآية}[الأنفال ٦٠]، وقال سبحانه وتعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ٦٦}[الأنفال]، فأوجب الله تعالى على المؤمنين الصبر والقتال للعدو إذا كان العدو مثلهم مرتين.