من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 123 - الجزء 3

  السَّيِّئَاتِ}⁣[هود: ١١٤].

  {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}⁣[النساء: ٣١].

  {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}⁣[النور: ٢٢].

  وعلى الجملة فكل شيء من الأعمال فيه طاعة لله فإنه يكفر الصغائر بدليل: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}.

  فإن قيل: اجتناب الكبائر يكفر الصغائر، فماذا تكفر الصلوات الخمس؟ والصلوات الخمس تكفر ما بينهما، فماذا تكفر الجمعة؟ وماذا يبقى من الصغائر ليكفره صيام رمضان و .... إلخ؟

  قلنا: الذي يخيل إلي أن صغائر الذنوب تختلف، فمنها ما يكفره اجتناب الكبائر، ومنها ما تكفره الصلوات، ونوع منها تكفره الجمعة، ونوع يكفره الحج، ونوع تكفره الصدقة و .... إلخ.

  ويمكن أن يتأيد ما ذكرنا بأمور:

  ١ - ما روي عن النبي ÷ أنه قال ما معناه: «يا معشر التجار شوبوا تجارتكم بالصدقة؛ لما عساه يحصل من الكذبة، و ... إلخ»، فأرشد ÷ التجار إلى تكفير ما عساه يكون في تجارتهم من نحو الكذبة في المساومات.

  ٢ - أن الله تعالى جعل كفارة قتل الخطأ العتق والصيام، وهكذا في الظهار بزيادة الإطعام، وجعل في حلق المحرم رأسه صياماً أو صدقة أو نسكاً، وفي كفارة اليمين الإطعام أو الكسوة أو العتق ثم الصيام، وجعل تعالى فيمن لم يستطع الصيام لكل يوم إطعام مسكين.

  وروي عن أمير المؤمنين أنه أرشد من أتى امرأته وهي حائض إلى التصدق بدينار أو بنصف دينار، و ... إلى آخر ما ورد في هذا الباب، فإن الله تعالى قد جعل لتكفير كل نوع من الانتهاكات نوعاً من الحسنات، ولا شك أنها لا تكفر بغيره، وبناءً على ذلك فيكون تكفير الصغائر على ذلك النحو.