من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب الوعد والوعيد

صفحة 152 - الجزء 3

  لا يظلم ولا يجور ولا يفعل القبيح، وأن أفعاله كلها حسنة، وأنه لا يريد الفساد ولا يحب المفسدين ... وإلى آخر ما يتضمنه بابا التوحيد والعدل مما يتوصل إليه الفكر حسب ما يذكر في كتب أصول الدين.

  هذه هي أول خطوة وأول درجة.

  ٢ - الخطوة الثانية: يعلم مما سبق الخطوة الأولى أن الله عليم لا تخفى عليه خافية، وأنه حكيم بمعنى أن أفعاله كلها أفعال حكمة فلا يخلق أي خلق إلا لغرض ومصلحة وحكمة وأنه غني لا تلحقه الحاجة لذاته، فإذا استيقن الفكر ذلك وتحققه واستحكم عنده علمه، ثم سرح فكره في خلق السماوات والأرض وما بينهما، وفي خلق البشر، وما هم عليه من التفاوت في الأعمار والأرزاق، والقوة والضعف، والأمن والخوف، وما هنالك من التظالم والعدوان، وقتل الأطفال والنساء والرجال، وسلب الأموال، وانتهاك الأعراض، ودوس الكرامات، والسجون والتعذيب، والقهر والاستعباد، وإلى آخر ما يوجد ويحصل على الدوام بين الأمم والجماعات والأفراد.

  هذا من ناحية ما يحصل من البشر من بعضهم، ومن ناحية ما يحصل من الله تعالى من الأمراض، واخترام الأعمار، فنرى المولود يولد عليلاً، ثم تسوقه علته إلى الموت بعد سنة من مولده أو أقل أو أكثر، وترى الموت يخترم الطفل المعافى قبل بلوغه أو بعد بلوغه، فمنهم من يبلغ سن العشرين ثم يخترمه الموت، ومنهم من يبلغ الثلاثين أو الأربعين أو الثمانين ثم يخترمه الموت، ومنهم من يستولي عليه البلاء أكثر عمره ثم يموت.

  فإن الفكر إذا أطال التأمل والنظر فيما عليه البشر في حياتهم وأطال تأمله لما ذكرنا مع استصحابه للعلم بحكمة الله وعلمه وغناه وعدله - يجزم بحتمية حياة أخرى مترتبة على هذه الحياة الدنيا، يجازى فيها المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته، وينتصف الله فيها من الظالم للمظلوم، وتسوي فيها الأعواض و ... إلى آخره.