قسم أصول الدين
  بين المحق والمبطل، والظالم والمظلوم، والمسلم والمجرم، والشاكر والكافر، والمبتلى والمعافى، والغني والفقير، و ... إلخ.
  ولا يخفى أن ذلك يبطل حكمة الخالق الحكيم، وينقضها، ولا يصير –تعالى وتقدس - ظالماً وعابثاً ولاغياً، وذلك قبيح يتعالى الحكيم الغني العليم عن فعله.
  يوضح ذلك: أن الله تعالى غني غير محتاج إلى ما خلق في الحياة الدنيا، وهو تعالى عالم بأنه غني غير محتاج وهو بكل شيء عليم، وإذا كان ø غنياً وعالماً، فلا يصدر منه أي فعل إلا بداعي الحكمة، أما فعل ما لا حكمة فيه فلا يصدر إلا عن الجاهل أو الغافل أو المحتاج.
  ومن جهة أخرى نقول: خلق الله تعالى الإنسان على ظهر هذا الكوكب الأرضي، وسخر له الشمس والقمر والليل والنهار والكواكب، وسخر البحر والرياح والسحاب، وسخر له الحيوان والهواء، وأنزل له بركات السماء، وأخرج له بركات الأرض، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، وأعطاه القوة في بدنه وفكره وحواسه جعل له الحرية والسيطرة في الأرض، مع أنه تعالى ليس بمحتاج بشيء من ذلك، وليس له تعالى منفعة في شيء مما خلق.
  ثم إنه تعالى مع ذلك يميت ويحيي، يذهب بأمة ويأتي بأمة، ويصطلم قوماً ويأتي بآخرين، ويعاقب الأجيال، ويأتي بخلف بعد سلف.
  لا يعيش المرء في حياته على ظهر هذا الكوكب أكثر من سبعين عاماً في الأغلب ثم يموت ويخلفه غيره وهكذا؛ فالحكمة ظاهرة في خلق الشمس والقمر والليل والنهار و ... إلخ، وذلك ما يحصل من النفع للإنسان، ولكن ما هي الحكمة في خلق الإنسان الذي ينتفع على ظهر هذه الأرض بما خلق الله فيها؟
  إن الفكر حين يرى حياة المرء تنتهي بالموت في هذه الحياة الدنيا قبل أن تظهر الحكمة المترتبة على خلقه يجزم ويقطع بحتمية حياة أخرى تظهر فيها الحكمة من خلق الإنسان.