كتاب الوعد والوعيد
  بالعدل والحكمة، وقد فصلنا هذه الطريق فيما سبق، وقد أكثر الله من تصريف الدلالات وتفصيلها في القرآن الحكيم في هذا الباب مثل قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ٣٦}[القيامة]، وقوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ١١٥}[المؤمنون]، {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ ...}[آل عمران: ١٩١]، وقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ٢٧ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ٢٨ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ٢٩}[ص]، {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ٣٥ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٦}[القلم]، وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ٣١}[النجم]، وقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ٣٨ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٣٩ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ ٤٠}[الدخان] ... إلى غير ذلك من الآيات، وهي كثيرة إلا أنها تحتاج إلى فضل نظر وتأمل.
  الطريقة الثالثة: هي أن العقل يقضي بوجوب الحذر وأخذ الحيطة عند سماع النذير بإقبال خطر مهلك يتوقع حصوله وإحاطته بالناس؛ فالعاقل يأخذ حذره ويحتاط لنفسه، ولا سيما إذا كان المخبر من أهل الصدق، وعلى هذا الطريق جاء قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ١٠}[الأحقاف]، فبهذه الآية نبه الله ذوي العقول، وأيقظهم من غفلتهم فإن العاقل إذا سمع النذير يأخذ بالحيطة ويبادر إلى أسباب الوقاية.
  أما الذي يتجاهل النذير، أو يستخف به، أو يكذبه، ولا يتبين خبر النذير، ولا يأخذ حذره ولا يحتاط - فإنه ظالم لنفسه سيئ التدبير، جاهل، خارج عن