من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

قسم أصول الدين

صفحة 158 - الجزء 3

  دائرة العقلاء، يستحق الذم واللوم عندهم، ومن هنا قال مؤمن آل فرعون لقومه: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ٢٨}⁣[غافر].

  وقد نظر الشاعر إلى هذه الطريق في قوله:

  قال المعلم والطبيب كلاهما ... لن يبعث الأموات قلت إليكما

  إن كان قولكما فليس بضائري ... أو كان قولي فالوبال عليكما

  - وحينئذ فالحازم هو الذي يأخذ حذره ويحتاط لنفسه في التوقي لخطر يوم القيامة، حتى ولو لم يحصل له إلا الظن بوقوعه.

  وقد أشار الله تعالى إلى هذا في قوله: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ٤٦}⁣[البقرة]، وقوله تعالى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ٢٠ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ٢١ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ٢٢}⁣[الحاقة].

  - وقد وصف الله تعالى المعرضين عن إنذار الرسل À بقوله: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ}⁣[الفرقان: ٤٤].

  - وفي هذه الطريق الثالثة كفاية كافية لإيقاظ العقول وتنبيهها إلى الخطر العظيم الذي ينتظرها، وقد اكتفى النبي ÷ بهذه الطريق الثالثة في أول بلاغ صدر منه ÷ إلى قريش حين جمعها فقال لهم ÷ ما معناه: «إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد».

  وقد أكثر الله تعالى في القرآن من نحو قوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ١٤}⁣[الليل]، وقوله: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ}⁣[التحريم: ٦].

  وقوله تعالى: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا ١٢ وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا ١٣ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ}⁣[المزمل].