من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

معرفة معنى المتشابه

صفحة 177 - الجزء 3

  ما زال يهدي قومه ويضلنا ... جهلاً وينسبنا إلى الفجار

  ويمكن الاستدلال على ذلك أيضاً بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}⁣[التوبة: ١١٥]، فإنه لا يستقيم تفسير الضلال هنا إلا على ما ذكرنا من الحكم والتسمية.

  ومن أمثلة ذلك أيضاً قوله تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}⁣[القيامة]، ففسرها طائفة برؤية البصر، وفسرتها أخرى بالانتظار، واللفظة تطلق في لغة العرب على كل من المعنيين.

  نعم، يزيد ما ذكرنا وضوحاً: أن غير ما ذكرنا من التفاسير لم يتسبب في زيغ طوائف الأمة ولم يكن له أي دور في ضلال بعض الطوائف الضالة فلم نسمع عن أي من أهل الزيغ والضلال أنه استند في ضلاله وزيغه إلى الحروف المقطعة في أوائل السور (الم، الر، طسم) ونحوها.

  وكذلك من يقول إن المتشابه هو نحو عدد الزبانية وحملة العرش في قوله تعالى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ٣٠}⁣[المدثر]، و {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ١٧}⁣[الحاقة]، فلم يؤثر عن أي من هذه الأمة استناده في ضلاله وزيغه إلى تفسير العدد في الآيتين، وهكذا سائر ما يذكر من تفسير المتشابه سوى ما ذكرنا، وقد روي هذا عن بعض الأئمة كزيد بن علي # إلا أن الضلال المترتب على ذلك كان للمشركين أما المسلمون فلم يتسبب ذلك في ضلال المسلمين.

معرفة معنى المتشابه

  يمكن معرفة المتشابه فيعلمه الراسخون في العلم.

  والدليل على ذلك: أن جميع طوائف الأمة يفسرون في كتب تفاسيرهم كل آيات القرآن الكريم من دون استثناء، اللهم إلا فيما لا يتعلق بمعرفته تكليف كالحروف المقطعة.

  ولم نر أحداً من المفسرين توقف عند آية وأعرض عن تفسيرها من أجل أنها من المتشابه، ومع ذلك فلم نجد أحداً من علماء الأمة استنكر ذلك الصنيع منذ بدء عصر التدوين والتفسير إلى يومنا هذا.