من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب صلاة الجماعة

صفحة 127 - الجزء 1

  هذا، وقد ذكر الهادي يحيى بن الحسين # في الذي يأتي المسجد وقد قضيت صلاة الجماعة، فقال: إن شاءوا صلوا وحداناً، وإن شاءوا صلوا في جماعة؛ ففي ذلك ما يؤيد ما ذكرنا من أن الجماعة - التي هي الجماعة - ما كانت خلف الموظفين لها من قبل سلطان المسلمين.

  وقد يشكل على ذلك ما روي في المجموع: أن رجلين دخلا المسجد وقد قضيت صلاة الجماعة، فقال لهما النبي ÷: «ليؤم أحدكما صاحبه ...» الحديث، أو كما قال.

  غير أنه يمكن تأويل كلام الهادي # بأن مراده بذلك الإعلام بأن التأكيد في سنية الجماعة بعد الجماعة قد زال، لا مطلق الاستحباب.

فائدة في اختيار الإمام

  «تخيّروا الأئمة فإنهم الوافدون بكم إلى الله ø»، حديث رواه الإمام زيد في رسالة الحقوق.

  قلت: أراد أئمة الصلاة؛ فالواجب أن يقدم المسلمون لإمامة الصلاة الخيار من الناس، وفي حديث آخر: «إذا سرّكم أن تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم»، وليس المراد الإمامة العامة؛ لأن الله تعالى قد اختار الأئمة، ولم يجعل سبحانه وتعالى الاختيار فيها إلى الناس.

  ويحتمل أن يراد بالأئمة في الحديث إمامة الصلاة والإمامة العامة، ويكون المراد وجوب اختيار من اختاره الله تعالى للإمامة العامة.

[حكم إمامة الصلاة ممن ليس بالأولى]

  سؤال: إذا خولف معنى ما تضمنه حديث: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ...» إلخ؛ فهل تفسد الصلاة أو لا؟ وهل إذْنُ الأَوْلى بتقدم غيره - مبررٌ للمخالفة؟

  الجواب: أن الحديث خبر ومعناه الأمر، غير أن للضرورة والأعذار أحكامها؛ بدليل قوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}⁣[الأنعام ١١٩]، {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}⁣[آل عمران ٢٨]، وغير ذلك كثير.