من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

قسم أصول الفقه

صفحة 223 - الجزء 3

  ١٤ - وهناك حوادث جديدة لا يوجد في الكتاب والسنة تحديد الحكم، وإنما يحدد فيها الحكم بالقياس على ما يشبهها، فاحتاج العلماء إلى بيان القياس الذي ترتب عليه الأحكام الشرعية.

  نعم، هذا بالنظر إلى واحد من العلوم التي اشتمل عليها القرآن وهو علم الفقه، فلا يتأتى ولا يصح لمن يريد أخذ الأحكام الفقهية من القرآن والسنة إلا بعد أن يكون ذا بصيرة وقدم راسخة في معرفة كيفية الاستنباط، وهو ما نسميه بأصول الفقه.

  أما الذي يحاول أخذ الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة من غير معرفته بعلم الاستنباط فإنه يحاول ما لا يتأتى ولا يمكن، وما مثله إلا كمثل الذي يحاول الكتابة بغير قلم، أو الطيران بغير جناح.

  وقد تكلم أمير المؤمنين # عن هذا العلم - أعني علم الاستنباط (علم أصول الفقه) - في نهج البلاغة، وذكر فيه جميع أبوابه تقريباً، وذلك في أول خطب النهج، وفي كلام له يبين فيه طرق رواية الحديث؛ فذكر # في هذين الكلامين أكثر أبواب أصول الفقه.

  وذكر الإمام زيد بن علي # بعض أبواب أصول الفقه في بعض رسائله التي في الكتاب الذي جمع رسائله وكتبه، وهو مطبوع.

  وفي الحقيقة علم أصول الفقه هو جزء من علوم اللغة العربية، وإنما أفرده العلماء لشدة الحاجة إليه في علم الاستنباط.

  وسنضرب مثالاً من القرآن يظهر فيه صحة ما ذكرنا سابقاً فنقول:

  قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}⁣[البقرة: ٢٩]: يستدل العلماء بهذه الآية على حل جميع ما خلقه الله تعالى في الأرض من أعيان الأشياء ومنافعها، على سبيل الاستغراق والعموم.