من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

قسم أصول الفقه

صفحة 230 - الجزء 3

  - وبما أن القرآن الحكيم قد علَّل التبادل بين البائع والمشتري بالتراضي بينهما فإنه يؤخذ من الآية: أنه يجوز أخذ الهبة والصدقة والهدية والعطية و ... إلخ إذا طابت بذلك نفس الواهب والمهدي والمعطي.

  - ومن تأويل الآية أنه يحرم أكل ما أخذ بوجه الحياء من غير طيبة نفس صاحبه.

  - ومن تأويلها أنه لا يجوز للوالي أن يسعر على البائع ويمنعه من الزيادة عليه، ثم يكرهه على البيع بذلك السعر، وذلك لعدم رضاه وطيبة نفسه.

  - وعلى ضوء هذه الآية تنزيلها وتأويلها فإذا أراد الوالي التسعير فليوفر للتجار والباعة السلع المطلوب تسعيرها، ويتفق هو وإياهم على أن يبيعها منهم بسعر محدد، ويبيعوها هم على المواطنين بسعر محدد.

  إذا عرفت ذلك - فاعلم أن علم تأويل القرآن لا يتأتى إلا لمن رسخ قدمه في علم الأصول، وكان مع ذلك ذا ذكاءٍ وفطنة، وذا تقوى وتوفيق، وقد قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}⁣[آل عمران: ٧].

  - وأول من وضع هذا العلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # ففي كتاب نهج البلاغة: (إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، وحفظاً ووهماً ....) وفي آخر كلامه هذا # بيان أقسام الناس: (وحفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فجنب عنه، وعرف الخاص والعام فوضع كل شيء موضعه، وعرف المتشابه ومحكمه ... إلخ).

  فمن هنا يمكننا أن نعرف أنه كان في صحابة رسول الله ÷ من كان ذا قدم راسخ في علم التأويل والاستنباط، إلا أن علم الاستنباط لم يدون في عصرهم ولا في عصر التابعين، وكانوا يعتمدون على الحفظ.

  - وقد أدرك علماء المسلمين أهمية هذا العلم فدونوه في عصر التدوين.

  - وأهمية هذا العلم ليست لذاته وإنما هو وسيلة إلى استخراج فقه القرآن وشرائع الحلال والحرام.