من أبواب أصول الفقه
  وترى الإمام الناصر الأطروش # يخالف الهادي في مسائل فقهية، ويخالف زيداً في مسائل أخرى، وهكذا أئمة أهل البيت $ لا يكاد يتفق اثنان منهم في كل المسائل الفقهية.
  ومن أراد المزيد من معرفة اختلاف الأئمة في المسائل الفقهية فليرجع إلى كتاب البحر الزخار والجامع الكافي وغيرهما من الكتب الفقهية التي تتوسع في البحث، ومع هذا الاختلاف فإن أحداً منهم لا يضلل الآخر، ولم يجعلوا ذلك سبباً لقطع أواصر الأخوة الإيمانية والمودة الإسلامية، بل يتوفر كل منهم على القيام بكامل الحقوق التي قضى بها الإيمان وفرضها الإسلام.
  وما ذلك منهم إلا أنهم فهموا نصوص القرآن الذي أرشدهم إلى ذلك الصنيع، قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب: ٥]، فمن هنا ذهب أهل البيت $ عامة إلى أن المجتهد إذا وفى النظر حقه في المسألة أصاب أم أخطأ فإنه لا يجوز تضليله ولا تأثيمه، وأن ذهابه إلى رأيه الفقهي لا يخرجه من عصمة الإيمان وحصانة الإسلام، وحريم التقوى، وأن ذلك غير مخل بالاعتصام بحبل الله تعالى.
من أبواب أصول الفقه
  باب الاجتهاد والتقليد، ومن مسائله: «كل مجتهد مصيب».
  وهذا إنما هو في المسائل الفرعية الظنية التي لم يدل عليها دليل قاطع من الكتاب والسنة، كمسألة المضمضة والاستنشاق، فمن علمائنا من يقول إنهما من واجبات الوضوء وفرائضه، ومنهم من يقول إنهما من مسنونات الوضوء.
  - وقد أجمع علماء الزيدية أن مثل هذا الخلاف لا يستنكر شرعاً، ولا يوجب إثماً، بل إن علماء المسلمين عامة - إلا من لا يعتد به - يقولون مثل قول الزيدية، وقد استدلوا على هذه المسألة بقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب: ٥].
  - وقد أقر الله تعالى اجتهاد نبي الله داود واجتهاد نبي الله سليمان حين حكم