من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[في حجية القياس]

صفحة 276 - الجزء 3

  وقد قص الله تعالى في كتابه أخبار المكذبين وكيف كان مصيرهم وأمر بالاعتبار بذلك، وفي هذا معنى القياس؛ لأن المعنى: لا تعملوا مثل أعمالهم فيلحقكم مثل ما لحقهم.

[في حجية القياس]

  قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ٤}⁣[الأحزاب]، قد يؤخذ من هذه الآية ما يؤيد القول بحجية القياس وذلك أن الله تعالى جاء بهذه الآية في سياق إبطال التبني، فذكر تعالى أن الزوجة لا تكون أماً بقول اللسان، وكذلك لا يكون الدعي ابناً بقول اللسان.

فائدة في إثبات القياس

  في حديث علي # حين ناظر الأنصار في وجوب الاغتسال إذا التقى الختانان أنْزَل أم لم ينزل بعد قوله: (أيوجب الحد؟ أيوجب المهر؟) فقالوا في كل ذلك: نعم، قال: (فما بال ما يوجب الحد والمهر لا يوجب الماء؟!).

  فإن في ذلك دليلاً على أصل القياس، وأنه دليل شرعي، وذلك أن أمير المؤمنين # قاس وجوب الغسل على أصلين.

  فإن قيل: ليس هذا من باب القياس؛ فإن المعهود في القياس إثبات مثل حكم الأصل في الفرع، وهنا الحكم مختلف، فحكم الأصل وجوب الحد أو المهر، وفي الفرع وجوب الغسل.

  قلنا: هذا النوع من القياس هو ما يسمى بقياس الأولى، وهو نوع من القياس؛ فيكون الحديث حينئذٍ قد دل على أصل القياس، وأنه طريق إلى إثبات الأحكام الشرعية.