من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

القياس

صفحة 275 - الجزء 3

  قلنا: ذلك التجويز باطل؛ وذلك لما يؤدي إليه من الشك في المتواترات، فيجوز بناءً على ذلك أن تكون الأمة على خطأ في نقلها لتفصيل الصلوات والزكوات والحج وغير ذلك.

القياس

  استدل في الاعتصام على وجوب العمل بالقياس بقوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}⁣[الشورى ١٠]، وقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}⁣[النساء ٥٩]، وبحديث المجموع: فإن لم يوجد ذلك في كتاب الله، ولا في السنة، ولا فيما أجمع عليه الصالحون اجتهد الإمام في ذلك لا يألو احتياطاً واعتبر وقاس الأمور بعضها ببعض، فإذا تبين له الحق أمضاه ... الحديث، وبحديث معاذ وفيه: ... أجتهد رأيي لا آلو، فضرب صدره. وذكر أنه مروي في كتب أئمة الحديث.

  قلت: والاستدلال على وجوب العمل بالقياس، وأنه دليل يجب العمل به لا يكفي لأن المسألة قطعية، والقياس أصل من أصول الأحكام، وإنما قلنا إنه لا يكفي لأن تلك الأدلة التي ذكرها غير واضحة في المراد سوى حديث المجموع فإنه واضح إلا أنه آحادي.

  والذي يدل على اعتبار القياس دليلاً هو العقل، فإن العقل بفطرته يذهب إلى إلحاق المثل بمثله للاشتراك في العلة، ألا ترى أن الطبيب إذا قال للمريض لا تأكل العنب من أجل حلاوته فإن المريض سيتجنب الحلويات ونحوها مما فيه حلاوة، ونحو هذا.

  وقد استدل الله تعالى في القرآن بالقياس كقوله تعالى: {... قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}⁣[يس ٧٩]، {... كَذَلِكَ النُّشُورُ ٩}⁣[فاطر]، {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ٥ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٦}⁣[الحج].