من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[من فوائد الصيام]

صفحة 299 - الجزء 3

  ويدل على أن الحرم المحرم كله مسجد أن علماء أهل البيت وأكثر علماء الأمة قالوا: إنه لا يجوز ولا يصح بيع أرض مكة ولا تأجيرها، وأنه يستوي فيها أهلها وغير أهلها، واستدلوا بقوله تعالى: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}.

  ولا شك أن الله تعالى قد عظمها وشرفها وأمر بتعظيمها وتشريفها، ونهى أشد النهي عن التعدي لحدود الله فيها، وتوعد على ذلك بالعذاب الأليم، بل إنه تعالى حرم فيها كثيرًا مما أحله في غيرها.

  وخلاصة الكلام أن الله تعالى جعل الحرم المحرم شعيرة من شعائره تعبد الناس بتعظيمها.

  ومما يؤكد ما ذكرنا من أن الحرم المحرم كله مسجد قوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ٣٣}⁣[الحج]، وقد نحر النبي ÷ والمسلمون في حجة الوداع ما معهم في منى.

  وقد قالوا: إن الهدايا إذا بلغت الحرم المحرم فقد بلغت محلها، إلا أنهم قالوا: إن هدايا العمرة تنحر في مكة وشعوبها، وهدايا الحج تنحر في منى، وإن نحرت في أي مكان من الحرم فلا بأس، فهذا يؤكد ما ذكرنا.

  وحينئذ فيثبت للحرم المحرم ما يثبت للمسجد من الأحكام، ويستثنى من ذلك دخوله الحائض والجنب للضرورة، وكذا قضاء الحاجة فيه للضرورة أيضاً.

  إلا أن الحرم المحرم يزيد شرفه على المساجد وتزيد حرمته على حرمتها لجلالة جاعله وعلوه ورفعته.

[من فوائد الصيام]

  الصيام: عبادة عظيمة وشعيرة من شعائر الإسلام، اختبر الله به المسلمين يتميز به المطيع من العاصي، والمخلص من غيره، وبه تصفو النفس وتزكو، فتقبل النفس إلى الله، وترغب في التقوى، وتبتعد عن المعاصي، ومع ذلك فإن الصيام يتسبب في صحة البدن وعافيته، وبه تتجدد الصحة والعافية والنشاط والقوة.