[وصية أمير المؤمنين # في قتال الخوارج]
  يدخلوا في الضلال تعمداً، وإنما دخلوا فيه عن طريق الخطأ في النظر فكان قصدهم الحق فأخطأوه، أما معاوية وأصحابه فقد دخلوا في الضلال عن عمد ومحبة للضلال.
  وليس مراد أمير المؤمنين # أنه لا يجوز قتال الخوارج على الإطلاق، وإنما مراده ما ذكرنا من نصرة معاوية ضد الخوارج.
  وقد بين أمير المؤمنين # العلة في نهيه لابنه الحسن حين قال: (فليس من طلب الحق ... إلخ) ومعنى ذلك: لأن معاوية أشد ضلالاً من الخوارج وأكثر توغلاً في الباطل منهم.
  ثم بين أمير المؤمنين ذلك بأن معاوية ضل من جهتين: اختيار الباطل عن عمد وطلب وتصميم هذه جهة، والجهة الثانية: إدراكه الباطل والدخول فيه والعمل به.
  أما الخوارج فإنهم إنما ضلوا من جهة واحدة حيث أنه لم يكن لهم نية في الباطل ولا طلب ولا عزم ولا تصميم، ونيتهم إنما كانت في طلب الحق غير أنهم أخطأوه ودخلوا في الباطل وعملوا به؛ فضلالهم إنما كان من هذه الجهة.
  فإن قلت: فهل كانت تجوز مقاتلة معاوية مع الخوارج؟
  قلت: هناك نصوص تدل على أنه لا يجوز معاونة أهل الباطل على باطلهم كقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢]، والخوارج أهل ضلالة، وهم شر الخلق والخليقة، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ومن هنا فلا تجوز معاونتهم.
  فإن قيل: إذا كان معاوية قد ظلمهم بالعدوان عليهم والبغي، وكان موقفهم إنما هو موقف دفاع؛ فهلا تجوز معاونتهم لدفع الظلم عنهم، كما يجوز ويجب دفع الظلم عن أهل الذمة؟