فوائد في المعاملات
  الإسلام، ومن هنا قال تعالى فيما يشبه هذا: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ...} الآية [الأنفال: ٧٢]، فإذا اندحر الكافرون عن بلاد المسلمين كف المسلمون أيديهم عن معاونة الخوارج.
  فإن قيل: فما هو المراد بقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ...} الآية [الحجرات: ٩].
  قلنا: المراد بهذه الآية أنه إذا اقتتلت فئتان من المسلمين أو قبيلتان فالواجب على المؤمنين أن يصلحوا بينهما فإذا بغت إحداهما بعد الصلح على الأخرى وجب قتال الباغية حتى تكف عن بغيها وترجع عن عداوتها.
  أما الخوارج ومعاوية فهم خارجون قطعاً عن أمر الله، وهم عند الله بغاة ظالمون، فليس أمرهم بملتبس، وكان الواجب على المؤمنين لو تهيأت لهم الأسباب أن يقاتلوا كلا الفريقين، لا أن يصلحوا بينهما، وهكذا يكون الواجب في من كان بصفتهما.
  نعم، إذا تاب الخارجي وكان قد قتل جنوداً من جنود معاوية ونحوه فالذي يظهر أنه لا شيء عليه سوى إخلاص التوبة:
  ١ - لأن الخوارج من جملة الكافرين وإن كان كفرهم كفر تأويل، والمعلوم أن الإسلام يجب ما قبله والتوبة من الكفر تجب ما قبلها.
  ٢ - لم يتعرض أمير المؤمنين # لأهل البصرة بعد وقعة الجمل، والمعلوم أنهم كانوا قد قتلوا جملة من أصحابه بالغدر قبل الوقعة، وقتلوا طائفة آخرين في الوقعة فلم يسأل أمير المؤمنين عن القتلة.