باب قضاء الفوائت
باب قضاء الفوائت
[حكم قضاء الصلاة لمن تركها عامداً]
  سألني سائل: عن رجل نشأ بين جهال لا يهتمون بشرائع الإسلام، فكان يترك الصلاة منذ بلغ سن التكليف، ولا يصوم شهر رمضان، ولا يزكي ماله، وما زال كذلك حتى وصل إليهم المرشدون؛ فتاب ورجع إلى الله، فماذا يلزم فيما ترك من ذلك في السنين الماضية؟
  الجواب والله الموفق: أن من كان كذلك فالأقرب أنه داخل في حكم الكافر والمرتد، وعليه فلا يلزمه قضاء ما مضى من الصلاة والصيام والزكاة.
  والدليل على ذلك: قوله تعالى في المشركين: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ ...} الآية [التوبة ١١]، فقد جعل الله تعالى في هذه الآية إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة شرطاً لدخول المشركين في حكم الإسلام.
  وفي الحديث المشهور عن النبي ÷: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً»، أو كما قال.
  ولما ذكرنا نظائر تشهد له، فمن ذلك: قوله تعالى في آية الربا: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ}[البقرة ٢٧٥]، فلم يلزم الرحمن تعالى في هذه الآية أكلة الربا برد ما أكلوه.
  ومن ذلك قوله تعالى في آية المحارب: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٣٤}[المائدة]، وقد استدل بهذه الآية الإمام الهادي # وغيره على أن المحارب إذا تاب سقط عنه كل ما جناه حال محاربته من دم ومال وغير ذلك.
  وما ذكره الله تعالى في هاتين الآيتين عن أكلة الربا وعن المحاربين هو من تيسيره تعالى وتسهيله طريق التوبة وفيها من الترغيب في التوبة ما لا يخفى،