من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[الكلمات التامات]

صفحة 352 - الجزء 3

  الجواب والله الموفق والمعين: يمكن أن تفسر الكلمات هنا بقدرة الله تعالى، وجاءت بصيغة الجمع اعتباراً بنفوذها في كل شيء، وفي كل مكان وزمان، وفي كل الأحوال.

  ومما يؤيد هذا التفسير ما جاء في حديث آخر عن النبي ÷: «ضع يدك على موضع الوجع سبع مرات وقل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد»، أو كما قال.

  وقد يؤيد ذلك قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا}⁣[الأعراف: ١٣٧]؛ إذ معنى ذلك: أن الله تعالى حقق لبني إسرائيل وفعل لهم بقدرته ما سبق به الوعد من الله لهم من الاستخلاف في الأرض والعاقبة الحسنى، فسمى الله تعالى فعل ذلك كلمة.

  وقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٨٢}⁣[يس]، فعبر الله سبحانه وتعالى عن قدرته وسرعة نفوذها بكلمة «كن».

  ووصفت الكلمات بالتمام في قوله: «التامات» من أجل إيضاح نفوذ قدرة الله تعالى، وأنه لا يعجزها شيء، ولا يحول دونها حائل.

  ومن ذلك قوله تعالى: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ٢٤}⁣[الشورى].

  ومن هذا المجاز: قوله تعالى في عيسى: {... رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ}⁣[النساء: ١٧١].

  هذا، وقد يراد بـ «الكلمات» القرآن، وجاز التعوذ به لما له من الاختصاص والارتباط الواضح بالله تعالى، فالتعوذ به تعوذ بالله، ومن هنا لم يجز للحائض والجنب قراءته ولا مسه.

  وقد يراد بالكلمات العلم فقد يعبر بالكلمات ويراد بها العلم كما في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ