من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[شهادة امرأة أنها أرضعت الزوجين]

صفحة 394 - الجزء 3

  «وَكَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ دَعْهَا عَنْكَ» أَوْ نَحْوَهُ. اهـ

  وفي الفتح: وقد أخرج أبو عبيد من طريق عمر والمغيرة بن شعبة وعلي بن أبي طالب وابن عباس أنهم امتنعوا من التفرقة بين الزوجين بذلك، ولو فتح هذا الباب لم تشأ امرأة أن تفرق بين الزوجين إلا فعلت، وقد تأولوا قوله في الحديث: (دعها عنك، فنهاه عنها) على الإرشاد والتنزيه.

  وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا يكفي في ذلك شهادة المرضعة؛ لأنها شهادة على فعل نفسها. اهـ باختصار.

  قلت: الذي يظهر لي هو التفصيل: فإن حصل للزوج ظن صدق التي تدعي أنها أرضعته لزمه الفراق، وحصول الظن يكون بحصول قرائن وأمارات.

  وإن حصل ظن كذبها لم يلزم الفراق ولم يستحب، وحصول ذلك بالقرائن.

  وإن استوى الاحتمالان استحب الفراق ولم يلزم، وإنما استحب الفراق لما فيه من الاحتياط.

  وإنما قلنا ذلك لأن الظن معمول به في المسائل الظنية، فالمجتهد إذا تعارضت عليه الأمارات وترجح عنده بعضها - وجب عليه المصير إلى ما ترجح في ظنه، وكذلك يجب عليه في الأمارة الواحدة، فإن ترجح عنده صحتها بسبب قرائن وجب عليه المصير إليها، وإن ترجح عنده كذبها بسبب قرائن وجب عليه تركها، وإن استوى عنده الأمران: فإن كان الاحتياط في الترك استحب الترك، وإن كان الاحتياط في الفعل استحب الفعل.

  وهذا التفصيل يقضي به العقل، وحينئذ فالمسؤول عن ذلك هو الزوج، وتكليفه بذلك فيما بينه وبين ربه العليم بذات الصدور.

  أما بالنسبة إلى كيفية الحكم؛ فلا يجوز الحكم بالفراق؛ لأن الحكم لا يكون بذلك إلا إذا أقر الزوج بالرضاع أو قامت بينة عادلة بحصوله.

  فإن قيل: كيف ساغ لكم مخالفة الحديث وهو حديث صحيح رواه الهادي # وغيره؟