من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

بحث في الاجتهاد

صفحة 14 - الجزء 1

  

[المقدمة]

بحث في الاجتهاد

  قال بعض أهل العلم: إن كل مجتهد مصيب في المسائل الفرعية.

  وقال آخرون: الحق في المسائل الفرعية مع واحد، والمخالف مخطئ معذور.

  قلت: وأهل هذين القولين متفقون على القول بأن الواجب على المجتهد العمل بما أدى إليه اجتهاده، وحينئذٍ فلا يظهر فرق بين القولين من حيث المعنى والواقع؛ لأن معنى قولهم: «كل مجتهد مصيب» أن الواجب على المجتهد العمل بما أداه إليه اجتهاده، وأنه يجوز للمقلد التقليد للمجتهد في ذلك وأنه لا يجوز نقض حكمه باجتهاده، وكل هذا يقول به القائلون بأن الحق مع واحد والمخطئ معذور.

[متى يجوز للمجتهد أن يقلد غيره]

  سؤال: هل يجوز للمجتهد أن يقلد فيما لم يتهيأ له فيه الاجتهاد؛ لخفاء مأخذه أو لخفاء علته أو لنحو ذلك؟ أم لا؟

  الجواب والله الموفق:

  أن ذلك يجوز، والدليل على ذلك عموم قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٧}⁣[الأنبياء]، والعموم هنا هو في الضمائر، وعمومها تابع لعموم ما ترجع إليه.

  والذي يظهر من قولهم: «إنه يحرم على المجتهد أن يقلد» أن المقصود بذلك: هو من يمكنه الاجتهاد ويتأتى له، لا مطلق المجتهد وإن تعسر عليه.

  والدليل على ما قلنا: قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن ١٦]. وكذلك إن تضيقت الحادثة ولم يمكنه الاجتهاد في الحال يجوز له التقليد؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وبناءً على ما ذكرنا يؤخذ جواز تجزؤ الاجتهاد.