باب صلاة السفر
  إذا كان للشخص وظيفة في بلد بينه وبين وطنه مسافة قصر، فذهب إلى بلد عمله وفي نيته أن يقيم فيها أيام العمل ثم يعود إلى وطنه وأهله يوم الجمعة وليلتها في كل أسبوع، على ذلك انعقدت نيته - فإنه يقصر طوال السنة، ولا يسمى مقيماً؛ لأن أقل الإقامة عشرة أيام، وهذا لم ينوِ إقامة عشرة أيام، وإنما نوى أن يقيم ستة أيام من كل أسبوع.
[الفرق بين دار الإقامة ودار الوطن]
  الذي يظهر لي - والله أعلم - أن دار الإقامة في الحكم كالوطن، وأنه لا يقطع حكم الإقامة إلا الخروج منها مع الإضراب عن الإقامة فيها.
  والدليل على ذلك: أن القصر للصلاة، والترخيص في الإفطار في رمضان - جاء للمسافر.
  ولا يسمى المقيم في بلد بأهله وأسرته سنة أو أقل أو أكثر مسافراً ولو كان يخرج منها لبعض الحاجات بريداً أو أكثر ويرجع إليها وإلى أهله وأسرته.
  والفرق بين دار الوطن ودار الإقامة هو أن دار الوطن لا يزال حكمه ثابتاً مع الإقامة في غيره، بخلاف دار الإقامة فلا يثبت حكمها مع الانتقال عنها للإقامة في غيرها.
  ودليل ذلك: أن دار الوطن لا تزال تسمى دار وطن للرجل ولو انتقل عنها للإقامة في غيرها، بخلاف دار الإقامة فإنها لا تضاف للمنتقل عنها للإقامة في غيرها.
[حكم من استثنى في عزمه على الإقامة في السفر]
  سؤال: إذا عزم المسافر على إقامة عشرة أيام في موضع، واستثنى في عزمه هذا فقال: إلا أن أضجر أو يعرض لي حاجة؛ فهل يقصر أم يتم؟
  الجواب والله الموفق: أن أهل المذهب قد قالوا كما في حواشي شرح الأزهار: إن المسافر إذا عزم على إقامة عشر إلا أن تسير القافلة أو نحو ذلك فليس بعزم فيقصر(١).
(١) حاشية شرح الأزهار ج ١ ص ٣٦٣.