[في ذكر الرازي وميله عن الحق]
[في ذكر الرازي وميله عن الحق]
  بسم الله وبالله، والحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد وآله الطاهرين:
  إني لأتعجب من الرازي صاحب التفسير الكبير «مفاتيح الغيب» من حيث سعة علمه، وتوقد ذكائه، وقوة فطنته، مع ميله إلى مذهب الجبر، وانتصاره له، ومبالغته في تقويم حججه، في حين أن مذهب الجبر مذهب مكشوف السوأة، وظاهر العورة، تمجه فطر العقول السليمة، ويأباه العدل والحكمة.
  وما أظن أن الذي دعاه إلى ذلك إلا العصبية والهوى، نسأل الله من فضله العصمة والسلامة، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ٨}[آل عمران].
  والدليل على أن ذلك ناشئٌ عن العصبية والهوى أن الرازي انتصر لمذهب أبي الحسن الأشعري، وسار في طريقه، وذهب مذهبه، مع ما هو عليه من سعة العلم والذكاء والفطنة المتوقدة، وربما أن الرازي أوسع علماً من أبي الحسن وأذكى وأفطن.
  وكان من المفروض أن يكون له أنظارٌ وآراء ومذاهب ناتجة عن علمه واطلاعه، وقوة ذكائه وفطنته توازي أنظار أبي الحسن وآراءه ومذاهبه، ولكن لم يكن له شيء من ذلك، وكانت كل قواه العلمية وقدراته الفكرية متوجهة للانتصار لمذهب الأشعري، وفي ذلك ما يشير إلى شدة تعصبه لمذهب الأشعري وقوة هواه فيه.
  وهكذا كان وما زال محققو الأشاعرة ومفكروهم؛ فإنهم وجهوا قدراتهم الفكرية إلى الانتصار للأشعري لا غير، ولم يسمح لهم التعصب والهوى أن يحيدوا عنه قيد أنملة.