من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[التوجيه السليم لبعض أسماء الفرق الإسلامية]

صفحة 471 - الجزء 3

  الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم، وإن لم يذكر ذلك في الآية، والتقييد بالدليل المنفصل والتخصيص به كالتقييد والتخصيص بالمتصل سواء.

  فإن قيل: إن فضائل الصحابة الأولين من السبق و ... إلخ - فضائل كبيرة يغتفر بجنبها ما وقع منهم.

  قلنا: بل الأمر هو على العكس تماماً فإن من عظمت نعمة الله عليه، فإن المعصية إذا صدرت منه ولو كانت صغيرة نسبياً تكون كبيرة على قدر كبر نعم الله تعالى عنده، ولهذا قال تعالى في نساء النبي ÷: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}⁣[الأحزاب: ٣٠].

  فالحق أن الصحابة وغيرهم سواء في هذا الباب، بل إن معاصي الصحابة أدخل في الفحش، وأقرب إلى مقت الله تعالى كما في نساء النبي ÷.

  وأرى أن ثوب الحصانة السابغ الذي جللت به الصحابة كالحصانة التي أسبغت على رجال الصحيحين، فكل ذلك اصطلاحات عرفية تعارف عليها فئام من الناس، وحظيت بدعم الدول الإسلامية الأولى في العصرين، ثم إلى عصرنا هذا والله المستعان.

  والذي يؤيد ما ذكرنا: أن الصحابة حين وقعت الفتنة في آخر عهد عثمان وما بعده لم يكونوا يتحاشون من ذكر بعضهم بعضاً بسوء العمل.

  ومن ذلك ما جرى بين عثمان وأبي ذر، وعثمان وعائشة، وهو وطلحة، وهو وعلي من المراجعات في الكلام، وإلى آخر ما جرى في عهد الفتنة الطويل، بل جرى بينهم ما هو أكبر من ذلك وهو قطع الرؤوس وسفك الدماء، وقد قال النبي ÷ في الحديث المشهور: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ... الحديث».

  هذا، والاعتذار بالخطأ هنا وبالتأويل غير مقنع، فالخطأ عادة إنما يقع ثم يُتلافى، ثم يقع من بعد ذلك الاعتذار والتنصل.