[تفاضل الأعمال بحسب الزمان والمكان]
  لا تنقطع ولا تنتهي في جنات النعيم، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ}[النساء: ٧٧]، {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ١٦ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ١٧}[الأعلى].
  يحب الإنسان الدنيا والعيش فيها حباً شديداً، ويتعلق بها جداً تعلق الصبي بأمه، وهذا في حين أن الإنسان يعيش في حياته الدنيا عيشة نكدة، ولا تزال أنواع المحن والبلاء، والأكدار والضيق، والهم والغم والحزن تأتيه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ولم تَصْفُ الدنيا لأحد، وقد قال أمير المؤمنين # في هذا المعنى: (ما احلولت الدنيا من جانب إلا وأمَرَّت من جانب)، وقال: (ما نال امرؤٌ فيها لذة إلا بفراق أخرى)، وله في هذا المعنى كلام كثير في نهج البلاغة.
[تفاضل الأعمال بحسب الزمان والمكان]
  ﷽ ِالحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين، وبعد: فإن العمل الواحد قد يكون في زمن أفضل منه في زمن آخر، وهكذا فقد يكون فعله في مكان أفضل منه في مكان آخر، بل إن العمل الصالح قد يكون في زمن واجباً، وفي زمن آخر محرماً.
  - فالجهاد يكون محرماً إذا كان بأهل الحق قلة عدد وعدة، وعدوهم في كثرة كاثرة بحيث يغلب في ظن أهل الحق أن دخولهم في جهاد عدوهم سيكون سبباً في استئصالهم أو ضياع حقهم، أو إضعافهم، من غير أن يحصل في جهادهم أي إضرار يذكر في عدوهم.
  - وهكذا صنع رسول الله ÷ في أول الإسلام، ونزل القرآن بأمر المسلمين بكف أيديهم عن المشركين.
  - وهكذا صنع علي # بعد موت النبي ÷ فلم يحرك ساكناً حوالي ستة وعشرين عاماً.