من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[ابتلاء أهل الحق]

صفحة 499 - الجزء 3

الحق

  الحق على طول التاريخ مهضوم ومظلوم، والباطل على طول التاريخ هو المستعلي في الأرض والمسيطر عليها.

  وهكذا العدل فإنه ما زال مهضومًا ومظلومًا على طول التاريخ، والجور هو المسيطر في الأرض والحاكم عليها.

  وما زالت رسل الله تعالى وأنبياؤه تترى إلى أهل الباطل والجور، يحذرونهم وينذرونهم، ويحتجون على طول تأريخ البشر إلى أن ختم الله تعالى رسالاته بمحمد ÷، وقد جعل الله تعالى كتابه الكريم الذي جاء به محمد ÷ حجة باقية إلى يوم القيامة.

  وإعراض الناس عن الحق ليس لخفائه وعدم وضوحه، بل لكراهتهم له ونفورهم عنه، {وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}⁣[المؤمنون ٧٠].

[ابتلاء أهل الحق]

  أهل الحق على طول تاريخ الإسلام في مضايقات شديدة وخوف إلى يومنا هذا، فما نحن فيه معاشر الزيدية من المضايقات اليوم هو سنة طبيعية، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ٣١}⁣[الفرقان]، وقال سبحانه: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}⁣[الفرقان ٢٠].

  - ويكون أهل الحق عادة على طول التاريخ أهل قلة وذلة وفقر، والسر في ذلك والحكمة كما يظهر لي: أنه لا يصبر على ذلك إلا المخلصون؛ إذ لو كان أهل الحق في أمن وعزة وغنى وترف لدخل في الحق المخلص وغير المخلص، ولتظاهر غير المخلص بالإخلاص رغبة لما هناك، وحينئذٍ لا يتميز المخلص من غيره.

طبيعة الحق

  في الأثر: «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات»: فالنفس بطبعها تكره الحق، وتنفر عنه؛ لما فيه من المشقة والكلفة، وتميل النفس بطبعها إلى جانب المشتهيات.