من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

القرامطة، الباطنية، الإسماعيلية

صفحة 517 - الجزء 3

  وقد عم الانتفاع بالكهرباء جميع البشر على وجه الأرض، وعظمت به النعمة عليهم وكبر موقعها في حياتهم ومعايشهم، إلا أنها نعمة منسية قل شاكروها.

  وقد توسع الانتفاع بهذه النعمة، وعظم استعمالها عند الدول والشعوب المتقدمة والصناعية في أوربا وأمريكا وشرق آسيا وغيرها، وما زالوا منذ أكثر من مائة سنة وهم يتقلبون في هذه النعمة تصب عليهم خيرها وتغشاهم بركتها من فوقهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن تحتهم، وتطير بهم في السماء وتسبح بهم في الفضاء، وتغوص بهم في قيعان البحار والمحيطات، وتأتيهم بأخبار الدنيا وما حولها في لمح البصر، وتصلك بمن تريد مواصلته وجهاً لوجه على الشاشة في أي مكان كان صاحبك، و ... إلخ.

  وكما ذكرنا فإن هذه النعمة مكفورة، بل إن الدول الصناعية ترى أنها هي التي أوجدت هذه النعمة بما عندها من العلم، وأن لها المنة بذلك في أعناق الناس، وما زال هذا رأيهم واعتقادهم من أول أيامهم الكهربائية وإلى اليوم.

  وبعد أن ألقينا نظرة على هذه النعمة فلنلق نظرة إلى القرآن الكريم حول الموضوع الذي ذكرناه: قال الله ø: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ٧}⁣[إبراهيم]، وقال سبحانه حاكياً عن قارون الذي آتاه الله من الكنوز ما إن مفاتحة لتنوء بالعصبة أولي القوة: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}⁣[القصص: ٧٨]:

  في الآية الأولى أقسم الله تعالى لعباده أنهم إن شكروا نعمته ليزيدنهم نعماً إلى نعمهم، وأقسم أنهم إن كفروا بنعمه ولم يشكروها ليعذبنهم على كفرهم بنعمه عذاباً شديداً.

  وفي الآية الثانية حكى تعالى مقولة قارون أنه استفاد الكنوز والأموال العظيمة بعلمه وذكائه وحوله وقوته فكان ما كان مما قصه الله تعالى من خبره في القرآن: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ٨١}⁣[القصص].