من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فوائد متفرقة

صفحة 518 - الجزء 3

  وقال سبحانه وتعالى عمن كفر به وبنعمه ولم يشكرها بعد أن بين لهم وذكرهم: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ٤٤ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٤٥}⁣[الأنعام].

  وقال سبحانه في مثل ذلك: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}⁣[يونس: ٢٤].

  وإذا نظرنا إلى العالم المتحضر اليوم ونظرنا إلى تأريخه المعاصر رأينا أن الله تعالى قد بلاهم بالسراء والضراء وأراهم من آياته ما فيه لهم عبرة وموعظة.

  فقد دارت رحا الحرب العالمية الأولى والثانية على رؤوسهم وذاقوا من الويلات في الحربين ما لا يقدر قدره، وما زالت أشباحها المخيفة مرسومة في نفوسهم إلى اليوم بالرغم من مرور أكثر من سبعة عقود من الزمان عليها.

  وأراهم الله من آيات عذابه ووبال نكاله ما فيه لهم عبرة وأي عبرة، فلم يلتفتوا إلى ربهم أية التفاتة، ولم يذكروه بأي ذكر، ولم يكن له عندهم أية مكانة.

  قال تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ٦٢}⁣[الأحزاب]، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ٤٣}⁣[فاطر]، لذلك فإن سنة الله تعالى في عباده الأولين والآخرين مستوية.

  فمن هنا فإننا اليوم نرى أن بأس الله وغضبه ونقمته على وشك الحلول بالعالم، ولا سيما المتحضر، وإذا حلت نقمة الله ونكاله بالعالم ولا سيما المتحضر فإنه عذاب الاستئصال كالذي حل بقوم نوح وبعاد وثمود، لا يبقي ولا يذر: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ٨}⁣[الحاقة].

  وقد يأخذ الله تعالى بنكاله المترفين والمفسدين وجيوشهم إلا القليل، ويوهن قوتهم، وذلك مثل ما صنع الله تعالى بقريش فإنه أخذ كبراءهم وساداتهم