[من تفاسير قوله تعالى: ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به]
  ٤ - قوله تعالى في قصة آدم: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ٢٠}[الأعراف].
  ٥ - قوله تعالى حكاية عن نوح #: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ..}[الأنعام: ٥٠] إلى غير ذلك من الآيات التي يؤخذ منها أن الملائكة أفضل من مؤمني البشر.
  نعم، يمكن تأويل الخبرين وذلك بأن نقول: الحديثان ذكرا فضل المؤمن على الملك، والمراد الفضل من وجه، وذلك أن المؤمن يعاني من طبيعته الشهوانية، ويلاقي من متاعبها ومصارعتها شيئاً عظيماً مما يستحق عليه من الله تعالى الأجر والثواب الكبير.
  وهذه الطبيعة الشهوانية غير موجودة في طبيعة الملك، وعلى هذا فالملك لا يكتسب من هذا الوجه شيئاً من الأجر والثواب، وحينئذ فالمؤمن أفضل من هذا الوجه من الملك، ولا يعني هذا أن ثواب المؤمن أكثر من ثواب الملك، ولا أنه أفضل منه على الإطلاق، فالملك أفضل من أوجه أخر هي:
  ١ - أن معرفتهم بالله أكمل وأتم.
  ٢ - لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
  ٣ - لا يستحسرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون.
  ٤ - طول أعمارهم في طاعة الله.
  نعم، وهذه المسألة من المسائل النظرية التي يسوغ فيها الخلاف.
  فإن قيل: قد صح: «من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» وبناءً على هذا فقد تتزايد حسنات الأنبياء والأئمة والدعاة والمصلحين وإن كانت أعمارهم قصيرة إلى أن يساووا بعض الملائكة أو يزيدوا عليهم، وفي حديث المجموع ما معناه: «إنه يكتب للشهيد ثواب عمله إلى يوم القيامة».
  قلنا: ذلك غير بعيد، وقد ذهب قوم إلى مذهب بين المذهبين وهو أن عموم الملك أفضل من عموم البشر، وخصوص البشر أفضل من خواص الملائكة.