[الحكمة في اختلاف طبائع الناس]
  قلنا: تعالى الله عن إرادة شيء من ذلك وعن الرضا به وعن مشيئته، والذي حصل هو أن رفع نصره للمسلمين، فلم تتدخل قدرته تعالى في تلك المعركة رأساً، بل خلى الفريقين وشأنهم، ولم يكن المسلمون في تلك المعركة يستحقون النصر من الله والمعونة؛ لعصيانهم، فهذا هو الذي شاءه الله وأراده ورضيه، وهو رفع النصر للمسلمين، والتخلية بين الفريقين.
  أما ما ترتب على ذلك ونتج عنه من القتل والجرح والهزيمة فلم يرده الله تعالى ولم يرضه.
  والتخلية هذه نظير التخلية بين الظالم والمظلوم والقاتل والمقتول، ونظير التخلية بين العاصي وبين المعاصي؛ فإنه لا يصح ولا يجوز أن يقال: إن الله تعالى بسبب التخلية يريد الظلم والقتل والمعاصي، فافهم ذلك.
[الحكمة في اختلاف طبائع الناس]
  - طبائع الناس مختلفة في الذكاء والفهم والغفلة والبلادة والأناءة والعجلة و ... و ... إلخ، وبسبب ذلك يحصل الاختلاف في التدبير والسياسة، وتفسير الحوادث السياسية، والنظر في عواقب الأمور وما شابه ذلك.
  ويختلف الناس في الطول والقصر، والقوة والضعف، والدقة والغلظ، والجمال والصورة، وصفات الأطراف والجسم، والشعر والبشر والأعين والأنف و ... إلخ، والحكمة في ذلك:
  ١ - ما فيه من الدلالة على أنه صادر عن خلاق عليم حكيم، وذلك أن الاختلاف يدل على أن ثَمّ فاعل مختار خالف بينها، وقد استدل الله تعالى على المشركين بذلك في آي منها قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ ....}[الروم: ٢٠]، إلى قوله: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ}[الروم: ٢٢]، {وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}[الجاثية: ٥]، {وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ٤}[الرعد].