[الحكمة في اختلاف طبائع الناس]
  ٢ - ما فيه من الابتلاء والاختبار، فيظهر بذلك شكر الشاكر على ما أولاه الله من صفات الكمال، وكفر الكافر لنعم الله، وصبر الصابر على ما ابتلاه الله تعالى من النقص وسخط الساخط على ذلك.
  ٣ - بالاختلاف يعرف كل شخص ويتميز عمن سواه، وفي ذلك من المصالح ما لا يكاد يدخل تحت الحصر، ولولا الاختلاف لم يعرف الزوج زوجته والعكس، ولا الوالد ولده والعكس ولا العدو عدوه، ولا الصديق صديقه، ولما أمكنت المعاملة بالدين ولا ... إلخ.
  ٤ - بالاختلاف تعرف النعمة فالكامل لا يشعر بنعمة الكمال إلا إذا رأى الناقص، ولا الجميل إلا إذا رأى القبيح و ... إلخ، وقال الشاعر في ذلك:
  وبضدها تتميز الأشياء
  ٥ - وبه يظهر فضل بعض الناس على بعض فيتسبب ذلك إلى انقياد المفضول للفاضل قال الله تعالى في ذلك: {قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}[البقرة: ٢٤٧]، {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[النساء: ٣٤].
  ٦ - بالاختلاف يقوم أمر الدنيا كما ينبغي فذو النظر والذكاء والسياسة والتدبير يوظف في عمل لا يقوم به غيره، وهكذا جميع أعمال الحياة الدنيا، فإن لكل عمل رجالاً على صفات مخصوصة تليق بذلك العمل.
  ٧ - بسبب اختلاف النظر والفهم والذكاء والغباء يدخل الناس في صفقات بيع وشراء وعقود تجارية وأسفار تجارية وتصنيع و ... إلخ، فيترتب على ذلك ما يريده الله تعالى في هذه الحياة الدنيا من رزق بعض الناس من بعض، وتوفير الحاجات للمحتاجين، ولولا الاختلاف لما حصل ذلك كما ينبغي.
  ٨ - بالاختلاف يتسخر بعض الناس لبعض فتعمر الدنيا.
  ٩ - وبالاختلاف يجد الناس في الأعمال، ويتسارعون في اكتساب الكمالات المادية والمعنوية، وذلك أن الناقص بطبيعته يسعى بجد واجتهاد ليلحق بالكامل،