باب [رواتب الصلاة وبقية النوافل]
  وهكذا قال الإمام الهادي يحيى بن الحسين # في الأحكام، وبسط الكلام حول هذا الموضوع وقال تعالى: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ٩٥}[النساء].
  وهناك أعمال جاء في الحديث عن النبي ÷ من الترغيب فيها ما يرشدنا إلى أنها أفضل من نوافل الصلاة منها:
  قوله المروي عنه ÷: «إن الرجل المسلم ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم نهاره القائم ليله»، وقوله ÷: «قضاء حاجة المسلم أفضل عند الله تعالى من صيام شهر واعتكافه»، وفي الأثر: «الأجر على قدر المشقة»، ومشقة الصيام والحج أعظم من مشقة نوافل الصلاة، ومشقة إنفاق المال على النفس أعظم من مشقة نوافل الصلاة، هذا في الجملة.
  ويمكننا أن نقول: إن الصلاة الفريضة أفضل من الجهاد، بمعنى أن الوقت الذي تشغله الصلاة المفروضة يكون عمل الصلاة فيه أفضل من الاشتغال فيه بالجهاد، ومن هنا قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ٢٣٨ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة].
  فأمر الله تعالى بإقامة الصلاة حال المقاتلة، وشرع لهم صلاة الخوف، ولم يرخص لهم في ترك الصلاة حتى في أضيق الساعات وهي حال المقاتلة.
  أو يكون معنى أن الصلاة أفضل من الجهاد هو أن الصلاة تقدم على الوقوف في مراكز القتال كما في صلاة الخوف.
  هذا، وقد يكون معنى خيرية الصلاة على سائر الفرائض هو أنها تكرر في اليوم والليلة خمس مرات مدة العمر، بخلاف الصيام والحج والزكاة والجهاد؛ فإن ذلك لا يتكرر إلا في العام مرة كالصيام، أو في العمر مرة أو مرتين أو ثلاثاً كالحج، أو لا يحصل منه في العمر إلا مرة أو اثنتين كالجهاد والغزو، بل ربما لا يحصل الغزو والجهاد في عمر المكلف لا مرة ولا أكثر، وإن حصل فربما تعرض