[كتاب الصلاة]
  فيه المكلف للفتنة كما قد حدث ذلك فعلاً لأصحاب النبي ÷ يوم بدر ويوم حنين؛ فتكون الصلاة حينئذ أفضل على هذا المعنى.
  فبناءً على ذلك فصلاة السَّنَةِ أفضل من صيام شهر، وصلاة المكلف مدة عمر التكليف خيرٌ من حجة واحدة، وخير أيضاً من غزوة أو غزوتين في العمر، وذلك أن حسنات الصلاة مستمرة طيلة العمر بخلاف غيرها.
  هذا، ويمكننا أيضاً أن نقول في نوافل الصلاة: إن نوافل الصلاة المستمرة مدة العمر أفضل من نافلة الحج ومن نوافل الصيام المأثورة، وذلك لما تقدم من انقطاع ثواب غير الصلاة، واستمرار ثواب النوافل.
  وبعد، فهناك بحث: هو أن الفرائض والنوافل وكل ما يتقرب به إلى الله تعالى من ترك المعاصي والصبر وحسن الخلق و ... إلخ لكل نوع من ذلك نوع من الثواب، فثواب الصلاة من نوع، وثواب الصيام من نوع آخر غير نوع ثواب الصلاة.
  وكذلك ثواب الزكاة وصدقة النفل لها ثواب من نوع آخر، وكذلك سائر ما يتقرب به إلى الله تعالى لكل نوعٍ نوعٌ من الثواب، لا يبلغ المكلف ولا يصل إلى ثواب الصدقة ومنازلها إلا بالصدقة، وللصلاة ونوافلها منازل لا تؤتى إلا من بابها، وكذلك سائر الطاعات هي أبواب وطرق إلى منازل ودرجات لا سبيل إليها إلا من أبوابها وطرقها.
  فثواب المتصدقين ومنازلهم ودرجاتهم لا تُنال بالصيام ونوافله، ولا بالصلاة ونوافلها، وإن اجتهد المكلف في ذلك غاية الاجتهاد، وهكذا جزاء المعاصي، فكل نوع من المعاصي له نوع من العذاب.
  نعم، يمكننا أن نستدل على هذا البحث بما يأتي:
  ١ - قوله تعالى في الذي لا يؤدي ما أوجب الله تعالى في الذهب والفضة: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ٣٥}[التوبة].