[كتاب الصلاة]
  هذا، وجميع ما ذكرناه هو الأحسن والأحوط.
  ويمكن أن يقال: يقدر ليل هذا البلد بليل أقرب البلدان إليها، فتصلى صلاة المغرب عند الغروب، وتصلى صلاة العشاء عند غروب الشفق الأحمر تقديراً، وتصلى صلاة الفجر عند طلوع الشعاع المنتشر في التقدير.
  ولهذا القول مرجح من جهة أن الصائم يمكنه العشاء والسحور والنكاح وصلاة نوافل الليل مع حصول الاستطاعة على الصيام.
  ويستأنس لهذا القول: بما روي أن النبي ÷ أمر المستحاضة التي التبس عليها عدد أيام حيضها بأن تتحيض كما تحيض النساء، وذلك من حيث إنه ÷ ردها في عدد أيام حيضها إلى عادة غيرها حين تعذر عليها العمل بعادتها.
  فإن قيل: إن الله تعالى أمر بأن تصلى صلاة الفجر قبل طلوع الشمس، فتكون صلاة الفجر فيما ذكرتم بعد طلوع الشمس، والصائم لا يصوم النهار كله؟
  قلنا: ما ذكرناه من الأوقات لصلاة الفجر وللصيام هي أوقات دعت إلى اعتبارها الضرورة، ولذلك نظائر في الشرع:
  منها: أن صلاة الفجر تصلى لعذر النوم أو النسيان في النهار أداءً، كما جاء في الحديث: «من نام عن صلاته أو نسيها فوقتها إذا ذكرها».
  ومنها: ما قرره العلماء من أن الحاج الذي يقف بعرفة في اليوم العاشر خطأ بعد التحري فإن وقوفه صحيح وحجه صحيح، وكذلك مبيته بمزدلفة ورميه الجمار كل ذلك صحيح واقع في وقته في حق هذا الحاج.
  وقريب من ذلك: ما رخص الله تعالى للمريض والمسافر من إفطار رمضان، ثم قضائه في وقت آخر، ونحو ذلك كثير.
  ففي كل ذلك دليل على أنه يصح أن يكون للفعل المؤقت بوقت معين وقتٌ آخر يؤدى فيه عند الضرورة؛ إما أداءً كما في صلاة النائم والساهي ووقوف الحاج في اليوم العاشر بعرفة، وإما قضاءً كما في قضاء صيام أيام رمضان، فهذا دليل في الجملة على ما قلناه.