[حكم الصلاة على من اتهم بشرب السم]
  المعاصي التي لم يدل الدليل القاطع على كبرها، بدليل أنه قد جاء في قواعدهم: (أنه لا يجوز التكفير ولا التفسيق إلا بدليل قاطع).
  فبناءً على ذلك فتجب الصلاة والغسل على من مات من المسلمين ولم يعلم أنه مات مصراً على كبيرة.
  هذا، ويمكن الاستدلال على ذلك بقول الله سبحانه وتعالى لنبيه ÷: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر}[آل عمران ١٥٩]، فأمر الله سبحانه وتعالى نبيه ÷ بالعفو والاستغفار للمسلمين الذين يصدر منهم شيء من المعاصي والمخالفات.
  وذلك أن المسلمين لم يكونوا بمنزلة واحدة من العلم بالله وبأحكامه وآدابه، بل كان منهم قلة من الذين استحكمت فيهم المعرفة، ومنهم دون ذلك ودون ذلك، ومنهم الأعراب الجفاة، ومنهم الجاهل، وذو الإيمان الضعيف، وكانت منازلهم في التقوى مختلفة؛ فلهذا كان ولا بد أن يحصل فيهم مخالفات ومعاصي، وهذه نتيجة حتمية في كل مجتمع يتصف بتلك الصفات المختلفات، وسواء في ذلك زمن النبي ÷ وغيره، فأمر الله تعالى نبيه أن يقابل تلك النتائج بالعفو والاستغفار، ثم بالمشاورة التي تدل على الرضا والرغبة والمحبة والأنس.
  غير أنا نقول: إن مثل هذا الصنيع البار مشروط ومقيد بقوله تعالى في المنافقين في سورة التوبة: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا ...} الآية [التوبة ٨٤]، وبقوله تعالى في سورة التوبة: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ١١٣ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ...} الآية [التوبة].
  فلا يجوز الاستغفار والصلاة على من تبين أنه من أصحاب الجحيم، أو أنه عدوٌّ