[حول عذاب القبر]
  وحدها قد تعذب أو تنعم، وترى وتسمع وتحس وتتألم، ويلحقها السرور والبهجة والهم والغم، وأنها تقول ويقال لها، و ... إلخ.
  وقد قال تعالى في الاستدلال على المشركين لكفرهم بالله وباليوم الآخر: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}[فصلت ٥٣].
  سؤال: قوله تعالى: {قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}[يس ٥٢]، هل في هذه الآية ما يعارض القول بعذاب القبر وحياة البرزخ؟ وكيف تفسرون ذلك؟
  الجواب والله الموفق: أنه قد صحت حياة البرزخ، وأن المؤمن يتنعم، وأن الظالم يتعذب، وذلك لقوله تعالى في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ٤٦}[غافر]، وبنحو قوله ÷: «القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار»، ونحو ما روي أن النبي ÷ مر بقبرين فقال ÷: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من البول».
  وبنحو قوله تعالى في الشهداء: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ١٦٩ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ}[آل عمران].
  ويمكن الجمع بين هذا وبين الآية التي جاءت في السؤال بأن نقول: إن حياة البرزخ حياة روحية فقط، فروح المؤمن تتنعم بما ترى مما أعد الله للمؤمنين، وينالها من الفرح بذلك ومن السرور ما لا يقدر قدره.
  وأما روح الفاسق فتتأذى وتتألم بما ترى من ألوان العذاب وبما يلحقها من الصغار والذلة والهوان، وبما يلحقها من الحسرة عند طوافها على ما أعد الله لها من ذلك.
  فإذا بعث الله تعالى في النفخة الثانية الأجساد والأرواح معاً قال المجرمون: {يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا}[يس ٥٢]، قالوا ذلك حسرة حين بعثت أجسادهم التي أعدّ لها ذلك العذاب الذي عرفوه وعاينوه، والتي ستذوق عذاب الحريق وتحسّ به.