فائدة في الإبراء من المهر أو الدين:
  ٢ - وجوب الزكاة إنما يتوجه على المكلف الذي هو صاحب الدين حين يقبض الدين، فإذا قبضه وجب عليه إخراج زكاته لما مضى من السنين، فإذا أبرأ صاحب الدين غيره وسامحه لم يتوجه عليه الوجوب، وبهذه الحجة احتج الإمام المنصور بالله #.
  ويمكن تفصيل هذه ا لحجة وتوضيحها بأن نقول:
  إن وجوب الزكاة يتعلق بالمال، فإذا حصل المال الذي من شأنه أن يزكى وحصل الوقت الذي تجب فيه الزكاة في ذلك المال - وجب إخراج الزكاة.
  وحينئذٍ فالدين غير حاصل وغير موجود، ولا يمكن إخراج الزكاة من ذلك؛ لعدم وجوده وحضوره، و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة ٢٨٦]، وقد روي عن أمير المؤمنين # أن وقت إخراج زكاة الدين يكون عند قبضه.
  فإن قيل: وجوب الزكاة قد حصل بحول الحول، ولكنه لا يتضيق عليه إخراجها إلا عند القبض، فوجوب الإخراج حاصل قبل القبض.
  قلنا: الأمر كذلك، غير أنه إذا لم يقبض الدين لم يتضيق عليه إخراج الزكاة، ولا حرج في ترك ما لم يتضيق.
  فإن قيل: الإبراء من الدين بمنزلة القبض فإذا أبرأ وجب عليه أن يزكي.
  قلنا: الآثار التي رويت عن علي # قد نصت بالإيماء على أن العلة في وجوب إخراج زكاة الدين هي القبض، والإبراء ليس قبضاً.
  وقياس الإبراء ونحوه كالنذر والوقف على القبض - لا يصح؛ لوجوه:
  ١ - لأنه من قياس الأسباب، وقياس الأسباب ضعيف، وفي اعتباره خلاف كبير.
  ٢ - بين القبض والإبراء فرق، وذلك أن القبض وصف مناسب لإخراج الزكاة دون الإبراء.
  ٣ - إذا لم يتضيق إخراج الزكاة قبل الإبراء فبالأولى أن لا يتضيق عليه بعد الإبراء.
  وبعد، فقد قال تعالى في الدين: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ