من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[أخذ الفقير لأكثر من النصاب]

صفحة 242 - الجزء 1

  والدليل على ما ذكرنا: أن الله تعالى حين ذكر مصارف الزكاة ذكر سبيل الله، فقال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}⁣[التوبة ٦٠].

[أخذ الفقير لأكثر من النصاب]

  سؤال: رجل فقير يريد أن يتزوج وقد أخذ من الزكاة دون نصاب، ثم أمسك عن الأخذ، فهل يجوز له في هذه الحال أن يأخذ أكثر من النصاب، وذلك قدر ما يسدد به تكاليف الزواج: من كسوة وحلية ووليمة وما يتبع ذلك، أم كيف يصنع؟

  الجواب والله الموفق: كما ذكر أهل المذهب كما في الحواشي⁣(⁣١): أنه يستثنى للفقير الكسوة والمهر ونحو ذلك، ولو كانت أكثر من نصاب.

  وبناءً على هذا فإنه يجوز لهذا الرجل أن يأخذ من الزكاة ما يقوم بتكاليف الزواج، ولو كان ذلك دفعة واحدة، وهذا مما يستثنى للفقير فلا يعد به غنياً؛ لشدة حاجته إليه كالمسكن الذي يكنه من الحر والقر، وكالكسوة التي تستر عورته، وكقدر من الطعام، وكآلة الحرب ونحو ذلك، وقد قال تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}⁣[النور ٣٣].

[حكم أخذ الزكاة لمن له أموال لا تزرع]

  سؤال: رجل له جربتان قدرهما أربعون حبلة، قد تمر سنون لا يتهيأ له زراعتهما: إما لقلة الأمطار أو نحو ذلك، وليس بيده شيء، وله عائلة، وسوف تلحقه لو باع الجربتين ملامة الناس وذمهم، فهل يجوز له أخذ الزكاة أم لا؟

  الجواب والله الموفق والمعين: أن الغنى نوعان: غنى شرعي، وغنى عرفي.

  فالغني في الشرع: هو من يملك ما تجب فيه الزكاة، وذلك نصاب فما فوقه من الذهب أو الفضة أو الحب أو السوائم الثلاث، أو ما قيمته نصاب مما تخرج الأرض، أو أن يملك من عروض التجارة ما قيمته ذلك، فإن لم يتم له ما ذكرنا


(١) شرح الأزهار وحواشيه ١/ ٥٠٩.