من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فائدة في دفع الزكاة لأولاد المشبهة:

صفحة 251 - الجزء 1

  فإن قيل: سبيل الله اسم للجهاد لا غير.

  قلنا: بل ولما فيه مصلحة عامة يعود نفعها لجماعة المسلمين.

  والدليل على ذلك: أنه لا شك أن للأئمة أن يبنوا السجون والمصحات والمساجد من بيت المال ومن الزكاة، وكذلك لهم أن يوظفوا للقضاة ونحوهم رواتب من بيت المال، وما أشبه ذلك من المصالح العامة، وكذلك كان يفعل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # والأئمة من ولده، فإنهم لم يخصوا الجهاد بالزكاة، بل أشركوا معه غيره مثل ما ذكرنا.

  نعم، الذي ينبغي ألا يكون إلا للإمام دون غيره هو إنفاق الزكاة في آلات الحرب، وتجييش الجيوش، وبناء السجون، وتوظيف القضاة والولاة، وما شابه ذلك مما يختص بالإمام، فلا يجوز لغير الإمام أن ينفق الزكاة في شيء منها؛ للاتفاق على أن مثل ذلك من أعمال الأئمة دون غيرهم.

  أما إصلاح الطرق وبناء المصحات والمساجد والمناهل وما أشبه ذلك من المصالح العامة التي لا يشترط في فعلها وجود إمام - فلا مانع من صرف الزكاة إليها بعد نظر المجتهد وفتواه كما ذكرنا أولًا، لا بدون ذلك فلا ينبغي ولا يجوز.

  مما ينبغي ذكره هنا أن الدعوة إلى الله والإرشاد هو أول ما يجب أن يصرف فيه سهم سبيل الله في مثل هذا الزمان، ولا يلتفت إلى غيره من المصالح العامة إلا بعد استغنائه، وإن كانت كلها مصالح عامة غير أنها تختلف: فمنها مصالح دينية عامة، ومصالح دنيوية عامة، والدينية مقدمة على الدنيوية.

  والدينية العامة مراتب، فأولها: الجهاد، والدعوة إلى دين الله والإرشاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر العلم، وكل هذه في منزلة واحدة.

  ثم يأتي ترتيب سائر المصالح العامة على حسب الحاجة تحت إشراف نظر المجتهد، وعلى حسب فتواه.

  فإن قيل: يلزم على حسب ما ذكرتم ألا تصرف الزكاة في فقير إلا بعد نظر العالم وفتواه؛ لاختلاف الفقراء وتفاوتهم في الحاجة.