من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[دفع الزكاة إلى من ليس أهلا لولايتها]

صفحة 255 - الجزء 1

  وهم من ذكرنا، ولا يزال مُطالَباً بها إذا لم يؤتها لأهلها.

  - هذا، وقد يقال: الواجب على رب المال أن يحفظ ما بيده من الزكاة حتى يعطيها أهلها، وهي أمانة عنده فلا يجوز له التفريط فيها، وعليه أن يدافع عنها الطامعين فيها، وأن يردهم بما أمكنه، فإذا بلغ به الحال إلى أن يخاف على نفسه أو ماله أو ولده من شر الطامعين فلا عليه أن يرد شرهم وطمعهم بجزء من الزكاة، ويحتسبه من الزكاة مع النية.

  ويمكن الاستدلال لذلك:

  ١ - بأنه قد أدى ما أمكنه وما في وسعه من الحفظ والدفاع عن الزكاة و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، فلا يؤاخذه الله تعالى على ما ليس في وسعه، ولا يلزمه الضمان فيما كان كذلك، وهكذا سائر الأمانات، ولا يلزمه أن يقي مال غيره بماله.

  ٢ - أنه لم يرو أن أمير المؤمنين # أمر أحداً بأن يثني زكاته حين تولى الخلافة، وهكذا سائر الأئمة $، وفي ذلك دليل على الرخصة فيما أخذه الطامع غصباً.

  فإن قيل: الزكاة غير معينة ولو عينها المالك، ولا تتعين للزكاة إلا إذا وصلت يد الفقير أو المصدق، وعلى هذا فلا يكون ما أخذه الطامع زكاة، ولو نواه المالك.

  فيقال: لا شك أن الطامع الذي يريد الزكاة إنما قصد إلى أخذ الزكاة لا إلى أخذ شيء من مال صاحب الزكاة، وما لحق المالك من التهديد وتعب الحفظ من الغاصب، والتحيل عليه، والخوف منه إنما هو بسبب ما عنده من الزكاة.