[حكم الحج على المرأة الشابة في مثل هذا الزمان]
  الجواب والله الموفق: إذا بلغ الزحام حداً لا يمكن فيه للشابة أن تطوف وتسعى إلا بمزاحمة الرجال فيظهر لي أنه يسقط عنها أداء الحج لا وجوبه، وتماماً كما قالوا في المحرم للمرأة، فإنها إذا لم تجد الْمَحْرَم يسقط عنها تأدية الحج لا وجوبه.
  والسر في ذلك: أن السفر بدون محرم للشابة معصية نهى عنها النبي ÷، وكذلك مزاحمة الشابة للرجال الأجانب معصية.
  ومن القواعد المتسالم عليها: أن ترك الواجب أهون من فعل المحظور، وذلك أن المعصية مفسدة والطاعة مصلحة، ودرء المفاسد أولى عند العقلاء من جلب المصالح.
  هذا، ويمكن للشابة إذا لم يمكنها الطواف والسعي إلا مع مزاحمة الرجال أن تطوف من الطابق الثاني ويجزيها؛ لأنها معذورة، وكذلك السعي، وهكذا كل من خاف على نفسه من شدة الزحام فإنه يجوز لهم الطواف والسعي من فوق.
  وإنما قلنا ذلك لأمور:
  ١ - حديث: «إذا أُمِرتُم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» وآية: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة ٢٨٦].
  ٢ - {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة ١٩٥].
  ٣ - حرمة البيت من الثرى إلى الثريا.
  فإن قيل: الواجب إلصاق الطواف بالبيت؛ لقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ٢٩}[الحج]، والباء للإلصاق.
  قلنا: نعم، ومن ذكرنا قد فعلوا من الإلصاق ما أمكنهم، و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.
  هذا، وما ذكرنا أولى من تأخير الحج أو تركه.
  نعم، قد يقال: يمكن الشابة أو الضعيف أن يؤخرا الطوافات والسعي إلى أن يخف الزحام ولو خرجت أيام التشريق، ويجوز تأخير الطواف للعذر، دليله ما جاء من قول رسول الله ÷ في بعض نسائه: «أحابستنا هي؟» قالوا: إنها قد طافت، قال: «فلا إذاً» أو كما قال.