من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

تأخير الحج مع التمكن:

صفحة 286 - الجزء 1

  ولكن أيهما أولى أن يفعله المعذور: الطواف والسعي من الطابق الثاني أم تأخير ذلك؟

  القياس: أن تأخير العبادة عن وقتها مع إمكان تأديتها على وجه ناقص لا يجوز، فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها مع إمكان تأديتها بالتراب أو من قعود، وعلى هذا ففعل الطواف من الطابق الثاني في أيام التشريق أولى من تأخيره.

  بقي حل ثالث هو: هل يصح الاستنابة في الطواف والسعي لهذا العذر؟

  والجواب: أن أهل المذهب قد أجازوا للمعذور أن يستنيب في رجم الجمار، وعلى قياس قولهم إن العذر إذا استمر طيلة وقت الطواف وخاف خروج الوقت قبل أن يتمكن من الطواف فإنه يجوز له أن يستنيب، غير أن حديث: «أحابستنا هي؟» يفيد أن المعذور يؤخر الطواف إلى حين زوال العذر ولو خرجت أيام التشريق.

  نعم، إذا كان للمعذور رفقة وأصحاب لا ينتظرون زوال عذره - أمكنه في هذه الحال أن يستنيب؛ لأنه أكثر ما يمكنه، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

  فإن قيل: إن طواف الزيارة هو الركن الأعظم من الحج، فلا تصح الاستنابة فيه إلا من عذر مأيوس.

  قلنا: قد فعل المعذور الإحرام والوقوف، وفي الحديث: «الحج عرفة».

تأخير الحج مع التمكن:

  سؤال: رجل وجب عليه الحج فهل له رخصة في تركه أو تأجيله بِحُجَّةِ أنه لا يتهيأ له الحج إلا بدفع مال كثير للدولتين؟

  الجواب والله الموفق:

  - أن المأخوذ من الحاج إن كان لما يحتاج إليه الحاج من سكن وتوابعه في مكة والمدينة، ولا يؤخذ منه زيادة على ما يحتاج إليه الحاج هنالك - فلا ينبغي أن يترك الحج لذلك، ولا أن يؤخره، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}⁣[آل عمران ٩٧]، وهذا الرجل الذي طُلِبَ منه ذلك مستطيع إلى الحج سبيلاً بما أعطاه الله من المال.