[كتاب الحج والعمرة وما يلحق بهما من أحكام]
  تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة ١٩٦]، ففي مثل هذه الحال لا يصح إحرامه الثاني؛ لأنه أحرم ثانياً بناءً على أنه جائز وصحيح، ولو علم أنه لا يجوز ولا يصح لم يحرم، فكأَنَّ إحرامه الثاني مشروط بصحته وجوازه، وقد قال سبحانه: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}[الأحزاب ٥]، وقد عذر النبي ÷ الجاهلين في الحج، فلم يأمرهم بمخالفتهم للمشروع بدماء.
  ٤ - أن يحرم بحجة ثم يحرم بإحرام آخر بناءً على أن إحرامه الأول غير صحيح أو أنه قد فسد أو تشكك فيه، ومثل هذا قد يحصل من العوام، وهذه الصورة في الحكم كالصورة التي قبلها.
  ٥ - أن يحرم بحجة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة لعذر أو لغير عذر، ففي مثل ذلك خلاف، فقد روي أن النبي ÷ أمر الحجاج الذين حجوا معه أن يضعوا إحرامهم على عمرة.
  وقد روي أن ذلك خاص بذلك الركب، وروي أنه عامٌّ لهم ولغيرهم؛ فبناءً على ذلك: فإن كان الذي صنع ذلك جاهلاً فعمله صحيح، ولا يلزمه شيء؛ لأن مذهب العامي مذهب من وافق، وإن كان مجتهداً فلا اعتراض عليه.
  ٦ - أن يحرم بعمرة ثم يحرم بحجة كما فعلت عائشة بأمر النبي ÷، فإن كان لعذر فلا يلزم شيء؛ إذ لم يأمر النبي ÷ عائشة بدم الرفض كما تقدم.
  وبعد، فالذي يحرم بحجتين أو بعمرتين أو يدخل نسكاً على نسك لا يكون إلا جاهلاً أو ناسياً، وهما معذوران في هذا الباب، وقد قال النبي ÷ لمن سأله: «اغسل عنك أثر الخلوق وأمط عنك الجبة» ولم يأمره بدم، وهو في مقام البيان.
  في حواشي شرح الأزهار: في الذي يحرم بالأجرة لغيره ثم يصرف الإحرام إلى نفسه ظناً منه أنه ينصرف: أن الحج للمستأجر ويستحق الأجير± الأجرة؛ لحصول الغرض، فيستحق المسمى± على الأصح(١).
(١) شرح الأزهار ٢/ ١٨١.