فائدة (هل يجزئ طواف القدوم عن الزيارة؟)
  عوام المسلمين، لا يكاد يوجد بينهم من العلماء عشرة في المليون، وقد قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة ١٨٥]، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج ٧٨]، وقال النبي ÷ فيما روي عنه: «بعثت بالحنيفية السمحة»، وقال: «يسروا ولا تعسروا»، وقال يوم النحر - وقد وقف على ناقته - في جوابه للمستفتين: «افعل ولا حرج» هكذا رواه أهل العلم بالأخبار.
  وهذا الرجل قد نوى الحج وأحرم ووقف بعرفة وطاف بالبيت؛ فكلام أهل المذهب قد أيدته أدلة الشرع الجملية المنادية بالتيسير والتسهيل، ولم يخالف كلامهم الحديث المروي عنه ÷ من قوله: «لا عمل إلا بنية»؛ لأن هذا الحاج قد نوى.
  أو نقول: إن قياس الحج على الصلاة مخصِّص لعموم الحديث، مع أنها مسألة اجتهادية قد خرج وقتها.
  هذا إذا كان أهل المذهب يريدون بقولهم: «إنه يقع القدوم عن الزيارة» مع الجهل ولم يتنبه صاحبه إلا بعد السفر وخروج الوقت.
  أما أن الحاج يتعمد ذلك ويترك نية طواف الزيارة قاصداً ويطوف بنية طواف القدوم فهو عاصٍ وآثم، وهو مطالب بالطواف ما دام وقته باقياً وكان حاضراً في البيت الحرام.
  فإن خرج الوقت ورجع إلى أهله صح الحج كما قدمنا وإن كان آثماً.
  ويمكن الاستدلال على ذلك بالقياس على صلاة العيد في يوم الجمعة، وبالقياس أيضاً على جمعة المعذورين في إسقاطها للظهر.
  في المنحة: وقال مالك لا يجزئ أن يحرم أحد عن أحد فإذا أحرم بنية الحج أجزأ كل عمل في الحج بلا نية.