من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الحلق أو التقصير في الحج

صفحة 341 - الجزء 1

  ٢ - أن قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}⁣[البقرة: ١٩٦]، يدل على أن الحلق من أعمال الحج التي يقصدها الحاج في حجه، ولو كان الحلق مجرد تحليل محظور لما خُصّ بالذكر دون سائر محظورات الإحرام.

  ٣ - بل إن الأدلة تفيد أن الحلق أو التقصير من شعائر الحج والعمرة بدليل الآية التي ذكرنا: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} وقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ}⁣[الفتح: ٢٧].

  ٤ - ورد الأمر بقضاء التفث في قوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ٢٩}⁣[الحج]، وقد فسر العلماء التفث بحلق الشعر ونتف الإبط وقص الأظافر، والأمر يدل على الوجوب.

  فإن قيل: نتف الإبط وقص الأظافر ليس بواجب في الحج فكذلك الحلق.

  فيقال له: قد ورد عن النبي ÷ أن إحرام الرجل في رأسه، فيدل ذلك على أن للرأس حكماً مخالفاً لحكم الإبط والظفر، فلا يقاس أحدهما على الآخر لوجود الفارق.

  ٥ - الحلق أو التقصير نسك في العمرة، وفي ذلك ما يرجح القول بأنه نسك في الحج.

  - وبعد، فالحلق والتقصير كانا من شعائر الحج قبل الإسلام، فجاء الإسلام وأقر هذه الشعيرة في الحج والعمرة كما أقر سائر المناسك التي هي الإحرام والتلبية، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والهدي والقلائد، والذبح والنحر، والوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، والرمي أيام الرمي، والمبيت بمنى.

  - ولم يتعرض الإسلام لتغيير شيء من ذلك، وإنما تعرض للشوائب والعوارض التي ألصقت بمناسك الحج وليست منه كزيادة: «إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك»، وكتحريم النسيء الذي صنعته الجاهلية، و ... إلخ.