من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حكم من ترك نسكا من مناسك الحج غير الأركان الثلاثة

صفحة 362 - الجزء 1

حكم من ترك نسكاً من مناسك الحج غير الأركان الثلاثة

  قالوا: من ترك نسكاً من مناسك الحج الواجبة سوى الأركان الثلاثة فعليه دم، واستدلوا بحديث: «من ترك نسكاً فعليه دم» رواه في الشفاء والانتصار، وأخرجه مالك عن ابن عباس موقوفاً، وقد ضعفوا هذا الأثر، واحتج المؤيد بالله على هذه المسألة بالإجماع.

  قلت: ويمكن الاستدلال بحديث المرأة التي نذرت أن تحج ماشية، وهو ما أخرجه المؤيد بالله بسند صحيح إلى الإمام زيد بن علي، عن آبائه، عن أمير المؤمنين $: أن النبي ÷ أتته امرأة فقالت: إني جعلت على نفسي المشي إلى بيت الله الحرام، وإني لست أطيق ذلك، قال: «تجدين ما تشخصين به؟» قالت: نعم، قال: «فامشي طاقتك واركبي إن لم تطيقي، وأهدي لذلك هدياً»، ونحوه في المجموع عن علي. اهـ من «الحج والعمرة⁣(⁣١)».

  وجه الدلالة من هذا الحديث على ما ذكرنا: أن النبي ÷ أوجب على تلك المرأة أن تهدي هدياً بدلاً عن الواجب الذي وجب عليها بالنذر، فتلحق واجبات الحج بذلك، والعلة الجامعة هي ترك واجب من واجبات الحج.

  وفي الحديث فوائد:

  ١ - قوله ÷: «تجدين ما تشخصين به؟» يؤخذ منه أن من نذر بالحج وهو لا يجد ما يشخص به - أنه لا يجب عليه؛ إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

  ٢ - أن الحج لا يسقط عمن لا يستطيع المشي وهو يستطيع الركوب.

في حكم الحاج الذي زال عقله

  قال أهل المذهب: إن للرفيق أن يهل عن رفيقه الذي زال عقله بالمرض مثلاً إذا عرف أن نيته الحج أو العمرة، ويجرده من ثيابه، ويطوف به ويسعى، ويركع عنه ركعتي الطواف، ويرمي عنه، ويقف به المواقف كلها، و ... إلخ، فإن أفاق


(١) كتاب الحج والعمرة للإمام الحجة مجدالدين المؤيدي (ع).