من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حكم من ترك نسكا من مناسك الحج غير الأركان الثلاثة

صفحة 363 - الجزء 1

  بنى على ما قد مضى⁣(⁣١).

  وعند أبي يوسف ومحمد والإمام الناصر والشافعي: لا نيابة عمن لم يكن قد أحرم، ولا قبل الوقوف عند الشافعي.

  قلت: يمكن الاستدلال لصحة كلام أهل المذهب، بأن الذي زال عقله بعد أن خرج من بيته مسافراً قاصداً للحج أو العمرة قد نوى الحج أو العمرة، ونيته هذه صحيحة؛ لأنها مقارنة للمقدمة التي لا يتم الحج إلا بها وهي السفر، فالسفر حينئذ من أعمال الحج.

  فإن قيل: قد قالوا إن النية للحج تكون عند الإحرام مقارنة لتلبية أو تقليد.

  قلنا: تلك هي نية الإحرام، وما ذكرناه هي نية الحج، وقد نوى زائل العقل الحج وقصده وشرع في مقدماته، وحينئذ فقد دخل في نيته أن يحرم إذا ورد الميقات، وأن يتجرّد من ثيابه وأن يغتسل و ... إلخ.

  وعلى هذا فالنية مقارنة؛ لأن السفر للحج من أعمال الحج؛ بدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}⁣[النساء ١٠٠]، وقد استدلوا هنا بالقياس على الحج عن الميت.

  وأقول: قد جاء الشارع بالتيسير في الحج من بين العبادات البدنية من عدة جهات:

  ١ - صحة النيابة فيه عن الحي والميت من الابن ومن الأخ بوصية أو بغير وصية، حسبما تفيده الأخبار الصحيحة.

  ٢ - إذا وجب الحج على المسلم فهو مخير بين ثلاثة أنواع الحج.

  ٣ - ومناسك الحج - إلا الثلاثة الأركان - تجبر إذا فاتت بالدماء.

  ٤ - جاء الترخيص في كثير من مناسكه لأهل الأعذار.


(١) شرح الأزهار ٢/ ١٥٧ وما بعدها.