باب النجاسات
  فإن قيل: روي عن النبي ÷: «إن الله تعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم».
  قلنا: يحمل هذا الحديث على التداوي بالحرام من غير ضرورة ملجئة؛ جمعاً بين الآية والحديث.
  نعم، يلحق بما تقدم جواز نقل عضو أو بعض عضو أو قطعة لحم من شخص لآخر عند الضرورة إلى ذلك.
  هذا، ويجوز في هذه الحال شراء الدم وبيعه.
  فإن قيل: أليس قد روي: «إن الله إذا حرّم شيئاً حرم ثمنه» أو كما قال؟
  قلنا: ليس بمحرّم عند الاضطرار إليه، بل هو حلال، وإذا كان حلالاً في هذه الحال فيحلّ ثمنه.
  وقد روي عن بعض أهل البيت $ ما يؤيد ما ذكرنا ويشهد له بالصحة، وذلك أنهم حكموا بتحريم ثمن الكلب، ورووا في ذلك عن النبي ÷ روايات، ثم قالوا عن كلب الصيد أو كلب البدوي الذي يحتاج إليه في حراسة الماشية: إنه يحل ثمنه.
  ويؤيد ما ذكرنا أيضاً: أن أهل العلم في بلادنا وفي غيرها لم يظهر منهم استنكار لنقل الدم أو لبيعه.
  هذا، وقد يُلزِم الحاكمُ الرجلَ المسلم بقيمة الخنزير إذا قتله على ذمي، وكذلك بقيمة الخمر للذمي إذا أراقها، وفي هذا ما يشهد لما قلنا.
  وقد يؤيّد ما ذكرنا: أن أكل لحوم الحمير والبغال محرّم، وأن الانتفاع بها في الركوب والحمل جائز وحلال، فشراؤها وبيعها وأكل ثمن ذلك حلال بالاتفاق، فإذا كان البيع والشراء فيها من أجل الأكل فلا ينبغي أن يجوز ذلك.
  وكذا قالوا في بيع العنب إلى من يتخذه خمراً، وبيع السلاح إلى العدو الكافر والباغي؛ ومن هنا فيتأيد جواز بيع الدم عند الضرورة للانتفاع به. والحمد لله رب العالمين.