من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب المياه

صفحة 40 - الجزء 1

  وحدّ القلّة على ما ذكره أهل المذهب هي (ما يظن استعمال النجاسة باستعماله)، وحد الكثرة: (ما لم يظن استعمال النجاسة باستعماله).

[حكم الماء الذي لا تغيره النجاسة]

  ١ - إذا وقعت قطرة بول مثلاً في لتر من الماء أو لترين أو خمسة فإنه ينجس بوقوع القطرة البول فيه أو بوقوع نحوها من النجاسات، سواء تغير الماء أم لم يتغير، وقد استدلوا لذلك بحديث الولوغ، وحديث الاستيقاظ، وحديث: «لا يبولن أحدكم في الماء الراكد ثم يغتسل فيه».

  ويتأيد ذلك بما اشتهر عند الأطباء في العصر الحديث من أن الماء القليل يتلوث بوقوع نحو قطرة البول فيه، وبالإمكان عند الأطباء أن يشاهدوا التلوث بواسطة الآلة المخبرية، وإذا كان التلوث حاصلاً فقد أمر الشارع باجتنابه.

  - وقد ذهب جم غفير من العلماء إلى أن الماء القليل أو الكثير لا ينجس بوقوع النجاسة فيه إلا أن يتغير شمه أو لونه أو طعمه، واستدلوا بحديث: «خلق الماء طهوراً لا ينجسه إلا ما غير شمه أو لونه أو طعمه».

  - ويمكن الجواب عليهم بأن هذا الحديث محمول على الأحاديث التي ذكرناها؛ لعمومه وخصوصها، وهذا هو الواجب عند التعارض مهما أمكن، كما عرف في موضعه من الأصول.

في المياه

  إذا اختلط بالماء ما غيَّره: فإن كان تغير الماء إلى حد أن يخرج الماء عن طبيعته: كالمرق واللبن والعصيرات ونحو ذلك مما تحول الماء به إلى شيء آخر لا يسمى ماءً - فإن هذا التغير يمنع من صحة التطهر به في الوضوء والغسل وإزالة النجاسة.

  وإن كان تغير الماء لم يخرجه عن اسم الماء إلى اسم آخر، بل بقي اسمه ماءً مع ذلك التغير - فإنه يصح التطهر به في الوضوء والغسل وإزالة النجاسة.

  ودليل ذلك: أن الله تعالى سمى الماء طهوراً، فقال: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً